الفن وسنينه
هل يجسد حمادة هلال قصة حياة نور الشريف في مسلسل؟
كنت قد تناولت في مقال سابق قريب بالتحليل والنقد أعمال السير الذاتية للمشاهير من مسلسلات وأفلام، وخلصت إلى أن معظمها كان دون المستوى المأمول والمطلوب لأسباب عديدة، منها عدم تحرى الدقة في نقل صورة صحيحة وحقيقية عن هؤلاء المشاهير ومحاولة تجميل صورتهم بشكل مثالي..
فضلًا عن عدم توفيق صناع هذه الأعمال في اختيار فنانين يقتربون من شكل وروح المشاهير الذين يجسدونهم! ومن ثم باتت كل محاولة جديدة لتقديم سيرة أحد المشاهير خاصة من نجوم الفن ورموزه محفوفة بالمخاطر واحتمالات نجاحها فنيًا وجماهيريًا قليلة..
ولعل أخر هذه الأعمال مسلسل الضاحك الباكى الذي عرض منذ بضعة أشهر، قصة حياة عملاق الفن في الثلاثينيات والأربعينيات نجيب الريحاني، تأليف محمد الغيطي وإخراج شيخ مخرجي الدراما التليفزيونية محمد فاضل والتي جسدها الفنان عمرو عبد الجليل وهو العمل الذي نال قسطًا وفيرًا من الهجوم والانتقاد للأسباب السابق ذكرها.
آخر الرجال المحترمين
تردد مؤخرًا أكثر من مرة عن نية أسرة الفنان الكبير المؤسسة نور الشريف في نشر مذكراته التي كان يحرص على كتابتها بشكل يومي منذ بداياته، يسرد من خلالها رحلته الحافلة مع الفن والتي تمتد لنحو 50 عامًا منذ أن كان طالبًا بمعهد الفنون المسرحية في منتصف الستينيات حتى رحيله في عام 2015..
والتي تتضمن أسرارًا ونجاحات وإحباطات وحكايات مع الرؤساء والزعماء السياسيين ونجوم الفن والأدب والثقافة في مصر والوطن العربي، كما يتعرض فيها لطفولته ويتمه المبكر حيث توفى والده وعمره أقل من سنة وعلاقته غير الجيدة بوالدته التي تزوجت وسافرت مع زوجها إلى السعودية وأشياء وأسرار أخرى مثيرة..
والذي لا يعرفه الكثيرون أن الأستاذ نور كان كاتبًا جيدًا ومثقفًا موسوعيًا وراوايًا قديرًا، وكانت له إسهامات اختص بها بعض الصحف والمجلات المقربين منه وكان لي الشرف أني كنت واحدًا من هؤلاء، ولكن الخبر العجيب والمحزن في آن واحد هو ما ذكره أحد النقاد المحترمين عن أنه علم من مصدر خاص له، أن مذكرات الفنان نور الشريف بحوزة أحد التجار وأنه عرضها للبيع لقاء 80 ألف جنيه!
وأن هناك أيضًا بعضًا من مقتنياته الثمينة من صور نادرة وسيناريوهات أفلام وكتب تباع على الأرصفة بمنطقة وسط البلد! وهو ما نفته بشدة أسرة الفنان الراحل مؤكدين أن كل مقتنياته في الحفظ والصون وأنهم فقط أهدوا مكتبة الإسكندرية بعضًا منها وتم عمل معرض لهذا الغرض في بيت السناري التابع للمكتبة.
المداح الأصلح
فاجأت الفنانة مي نور الشريف الابنة الصغرى للفنان الراحل الجميع منذ أيام قليلة، بتصريحها أنها لا تمانع هي وباقي أفراد الأسرة في ظهور عمل فني عن حياة والدها، وأنها بالفعل تتمنى ذلك سواء في مسلسل أو فيلم سينمائي، شريطة أن تلتزم القصة والسيناريو بالدقة والشفافية في تناول حياة هذا الفنان العظيم..
وذهبت مي إلى القول بأنها ترى أن أنسب وأصلح فنان من ناحية الشكل لتجسيد شخصية والدها الفنان نور الشريف هو المطرب حمادة هلال، خاصةً في مرحلة شبابه حيث يشبه حمادة والدها كثيرًا!
فهل من الوارد بالفعل أن نرى عملًا فنيًا قريبًا عن هذا العملاق والذي لن يكون بالطبع مجرد أحد أعمال السير الذاتية مثل سابقيه..
بل في رأيي سيكون من أصعب هذه الأعمال ومن أكثرها إثارةً وثراءً، لما تميز به الأستاذ نور الشريف من سمات خاصة شخصية وفنية متفردة وبما يتناسب مع ما قدمه من عطاء لم يسبقه له أحد من ناحية الكيف والقيمة..
فهو بالفعل آخر الرجال المحترمين العمالقة في الفن، ممثلًا مبدعًا أثرى المكتبة الفنية بأكثر من200 عملاٍ متنوعا بين السينما التليفزيون والمسرح ونال عنها عشرات الجوائز والتكريمات، ومنتجًا متميزًا اكتشف عددًا من المخرجين الذين تصدروا المشهد السينمائي بعد ذلك، مثل عاطف الطيب وسمير سيف ومحمد خان وداوود عبد السيد ومحمد النجار، والعديد من الفنانين كان أخرهم إيمان العاصي وشريف سلامة وحسن الرداد وعمرو يوسف وأيتين عامر ودينا فؤاد وكاتبًا موهوبًا ومخرجًا قديرًا..
ولكن يبقى سؤال مهم أخير: من هي الجهة الإنتاجية الشجاعة التي تستطيع التصدي لمثل هذا العمل مسلسلًا أو فيلمًا وتوفر له كافة الإمكانات التي تتناسب مع قيمة هذا الفنان العظيم؟!