السوشيال ميديا.. هل تكتب شهادة وفاة الإعلام التقليدي؟!
كل يوم تكسب السوشيال ميديا أرضًا جديدة على حساب الإعلام التقليدي الذي بات بعضه ينقل عنها في أحيان كثيرة؛ ذلك أن التطور التكنولوجي الهائل جعل كل مواطن بمثابة صحفي أو إعلامي، يستطيع أن ينقل الصورة من قلب الحدث؟!
ولا أبالغ إذا قلت إن هناك حوادث مهمة ما كنا لنعرف عنها شيئًا لولا تصدرها التريند في مواقع التواصل الاجتماعي التي بات أداة ضاغطة على صانع القرار في أي مكان في العالم بما تملكه من قدرة على تحويل أي حادث ذي شأن أو عابر إلى قضية رأي عام يلتف الناس حولها ويتابعون تفاصيلها وتداعياتها ونتائجها بشغف لا حدود له.
والسؤال: هل نصحو يومًا لنجد السوشيال ميديا بوصلة للوعي العام.. وهل يمكن الاطمئنان إلى نزاهتها وصدقها في نقل الأحداث والمعلومات دون تدقيق أو تمحيص أو تثبت؟!
الأمر خطير.. وهو ما تنبهت له منظمة اليونيسكو في تقرير حذر من التهديد الوجودي الذي تفرضه تلك الوسائل على وسائل الإعلام المهنية، لافتة إلى الخلل في نموذج أداء عمل وسائل الإعلام مما يقوض حق الجمهور الأساسي في الحصول على المعلومات.
السوشيال ميديا وحرية التعبير
التقرير تناول الاتجاهات العالمية في حرية التعبير وتنمية وسائل الإعلام في الفترة ما بين 2016 و2021.. وخلص إلى أن شركتي جوجل وميتا، تستحوذان على ما يقرب من نصف إجمالي الإنفاق العالمي على الإعلانات الرقمية، وفي المقابل تراجعت إيرادات إعلانات الصحف العالمية بمقدار النصف في السنوات الخمس الماضية وهذا بالطبع تحدِ آخر.
خطورة السوشيال ميديا أن المحتوى الكاذب ينتشر عبر منصاتها كالنار في الهشيم كما حدث مع جائحة كورونا وهو ما تسبب في إغلاق غرف الأخبار وتقليل عدد الوظائف، وأحدث فراغًا كبيرًا في المشهد الإعلامي، لا سيما في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
الإعلام الجديد أو البديل -إن صح التعبير- أحدث تحولًا على صعيد الوسيلة الإعلامية، والمحتوى الإعلامي وحتى الجمهور المتلقي، وهو ما طرح سؤالًا: أيهما أهم.. سرعة وانتشار الوسيلة في إيصال الخبر، أم الخبر في حد ذاته.. وهل تقود السوشيال ميديا أو تتحكم في الإعلام التقليدي.. والإجابة قد تكون بالإيجاب..
وأكبر دليل على ذلك أن نسبة مشاهدة الحلقات التليفزيونية على يوتيوب تفوق بمراحل نسب المتابعة خلال العرض.. وأحيانًا تنتشر مقاطع من الحلقات على مواقع التواصل بعد أيام من عرضها تليفزيونيًا، وهذا دليل آخر على أن الأثر الأكبر هو من مواقع التواصل.
الإعلام التقليدي طالما افتقد التنوع والتعدد وعاني التراجع المهني فإن السوشيال ميديا ستكسب أرضًا جديدة خصوصًا في ميادين الإخبار.. وطالما كان عاجزًا عن تغيير إيقاعه وتطوير أدواته، للحاق بجمهور بات مزاجه في التعرض الإخبارى أكثر ميلًا للمحتوى الموجز الموحي وربما الحاد..
والسؤال: هل يمكن خلق تكامل وتعاون بين الإعلامين التقليدي والجديد، بحيث يصبح أولهما أكثر تحررًا وسرعة وشفافية، والآخر أكثر دقة ومسئولية وخضوعًا للضبط الذاتي.. أم أن ذلك معادلة صعبة قد يقود الإخفاق في تحقيقها إلى أن اكتساح السوشيال ميديا لتكتب شهادة وفاة إعلامنا التقليدي!