الإيكونوميست والخديو إسماعيل!
بوصفى صحفى أكثر ما لفت انتباهى في التقرير الذى نشرته المطبوعة البريطانية الإيكونوميست عن مصر هى المقدمة التى استهلت بها هذا التقرير وقالت أن المصريين يخشون تكرار ما حدث لمصر في عصر الخديو إسماعيل الذى كان لديه رؤية لتحديث البلاد، وأنجز عددا من الأبنية والمشاريع العديدة، ولكنه اضطر لبيع العديد منها وكان من بينها قناة السويس لسداد الديون الخارجية التى تراكمت فى عهده على البلاد بسبب نهمه فى الاقتراض الخارجي.
وقد لفت انتباهى ذلك لآن الذى يعرف الخديو اسماعيل من المصريين هم من ينتمون للنخبة السياسية أساسا والمثقفين والمهتمين بتاريخ مصر وليس كل عموم المصريين، بل أن الأغلبية من المصريين لا يعرفون كثيرا وربما قليلا عن حكام أحدث لمصر.
خطأ الإيكونوميست
لذلك لو كانت الإيكونوميست قد تحرت قواعد المهنية لقالت أن بعض، وليس كل، المصريين يخشون أن يحدث لبلادهم ما حدث في عهد الخديو اسماعيل.
إن الإيكونوميست مطبوعة بريطانية عريقة متخصصة في الاقتصاد وذاع صيتها عالميا لأنها تتسم بالرصانة والدقة فى تناول ما تقدمه لقرائها.. ولذلك ما كان لها أن تخطأ مهنيا على هذا النحو الذى استهلت به تقريرها عن مصر التى تهتم المطبوعة بمتابعة الشأن الاقتصادى بها لأهميتها بالطبع في المنطقة.
فهذه المطبوعة تشرك عددا لا بأس به من المحررين في إعداد وصياغة تقاريرها كان يمكن لأحد منهم أن يصحح ذلك الخطأ المهني، وفي ذات الوقت يتحدث عن الديون الخارجية المصرية ومخاطرها والضغوط التى تمثلها على الاقتصاد المصرى.. اللهم إلا إذا كان هذا الخطأ المهني مقصودا في حد ذاته!
لكن يبدو أن وراء هذا الخطأ ما يمكن تسميته بالوقوع في أسر المصادر والتى جاءت كلها في التقرير غير معرفة.. فالصحفى للقيام بعمله يلجأ بالطبع إلى المصادر ليسمع منهم ويجمع المعلومات، لكنه لا يكتفى بذلك وإنما يخضع هذه المعلومات للبحث والفحص للتأكد من صحتها وتدقيقها قبل نشرها.. أما الاكتفاء بنقل ما سمعه من بعض المصادر فقط فهذا خطأ مهني.
وتعميم هذه المعلومات ونسبها إلى شعب بالكامل فهذا خطأ آخر وأكبر، وهذا ما وقع فيه كاتب التقرير وإدارة المطبوعة التى نشرت التقرير.