المواطن وبناء الدولة
لا جدال أن بناء الدول يحتاج لتضحيات يقدمها المواطنون.. وكلما كانت عملية بناء الدولة كبيرة زادت التضحيات المطلوبة من المواطنين.. ويقدم المواطنون تلك التضحيات الضرورية طواعية برضا وعن طيب خاطر لبناء الدولة عندما يكون لديهم أمل في أنهم سوف يحصدون في نهاية المطاف ثمار هذه التضحيات في شكل تحسن حياتهم وارتفاع مستوى معيشتهم..
فلا يوجد بين البشر تضحيات بلا مقابل.. فان الدول لا تبنى من أجل البناء في حد ذاته أو لكسب سباق بين الدول وحصد جائزة الدولة الأقوى وَالأفضل، وإنما تبنى من أجل شعوبها والارتقاء بحياتهم، والدولة طبقا للتعريف الذى اهتدى إليه علم السياسة هى شعب يعيش على أرض وتدير أموره حكومة أو قيادة..
أى إن الشعب هو العنصر الأساسى في تكوين الدولة.. وعندما يتم إعادة بناء الدولة فان ذلك من أجل الارتقاء بحياة أفراد الشعب.. وهذا الارتقاء يترجم في زيادة متوسط دخل المواطن الذى يزيد من قدرته على الوفاء باحتياجاته الاساسية من غذاء وكساء ومسكن والخدمات الاساسية وفى مقدمتها خدمات الصحة والتعليم..
لذلك المواطن ليس أمام خيار أن يأكل أو أن يتم بناء دولته ، وإنما هو يضحى لبناء دولته ليأكل أفضل ويظفر بسكن افضل وعلاج أفضل وتعليم افضل لأولاده. هنا سوف يضحى المواطنون عن قناعة وأملا في الحياة الأفضل.
نعم أن المواطنين يهمهم بالقطع مستقبل أولادهم وأحفادهم ويضحون بالغالى والنفيس من أجلهم حتى يظفروا بحياة جيدة، لكنهم يتطلعون أيضا أن يكون لهم نصيب فيما يقدمونه من تضحيات أيضا من أجل بناء الدولة.. وهنا سيقدم المواطنون كل التضحيات عن قناعة وطيب خاطر، لأنهم سوف يستفيدون من عملية بناء الدولة.. وهذا ما حدث في كل التجارب الناجحة لإعادة بناء الدول.