رئيس التحرير
عصام كامل

من رسائل الإمام الطيب

المغالاة في المهور عقبة في طريق الزواج!

ما يقوله فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر في برنامجه الرمضاني الإمام الطيب تأصيل فقهي مستنير يشتبك مع قضايا حيايته جدلية كثيرًا ما أثارت فرقة وفتنة مصطنعة لاسيما ما يخص المرأة.

 للإمام الأكبر رؤية فقهية وسطية نافذة تفض الاشتباك بين تيارات يدعي بعضها زورًا الدفاع عن المرأة ويثير مطاعن في الإسلام لاسيما في قضايا الميراث والمساواة مع الرجل والقوامة وغيرها، وتيارات أخرى تشدد على النساء استنادًا لفهم مغلوط لأسانيد فقهية.


الخوض والتجديف في قضايا المرأة المسلمة يتم أحيانًا لإحداث تعارض مصطنع يلهي ويشغل المجتمع عن الحركة الواعية المنتجة في الحياة.. بينما الحق واضح جلى يجري على ألسنة علماء ثقاة مستنيرين جديرٌ بنا أن نسلط الضوء إعلاميًا على آرائهم واجتهاداتم القيمة. 


الإمام الطيب يضع أيدينا على حقائق مسكوت عنها؛ توارت بفعل سطوة العادات والتقاليد البالية والتي تتعارض مع أحكام المرأة في شريعة الإسلام؛ وهو ما يحرمها من مصالح معتبرة، ومنها المغالاة في المهور، التي صمت العلماء صمتا مريبا عن ترسخها وتأصلها وتجذرها في عادات الناس.. 

 

حتى صارت عقبة كئودًا في طريق الزواج وقد كان حريًا بهم أن يتصدوا لمقاومتها، وأن يقدموا للناس القدوة من أنفسهم وأولادهم وبناتهم، لحملهم على التخلص من ظاهرة جعلت من الزواج أمرا بالغ الصعوبة.

تيسير المهور 


فلسفة الإسلام تنظر إلى المهر بحسبانه رمزًا يعبر عن رغبة قلبية في الارتباط، وليس مظهرا من مظاهر السفه أو البذخ والمباهاة كما يفعل كثير من الناس في أيامنا هذه، وثمة نصوص شرعية أصيلة أسدلت دونها ستائر النسيان حتى صارت من قبيل المتروك أو المسكوت عنه، سواء منها ما تعلق بيسر المهور، وتجهيز بيت الزوجية وتأثيثه..

 

والاكتفاء فيه بأيسر الأشياء وأقلها قيمة حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم –كما يقول الإمام الطيب- نزل في قيمة المهر إلى ملء الكف طعاما، أو إلى خاتم من حديد، أو نعلين، بل اكتفى فيه بأن يعلم الزوج زوجته سورة من القرآن ولو من قصار السور، ولم يكن ذلك منه صلى الله عليه وسلم حطا من قدر الزوجة أو إزراء بشأنها، بل كان وضعا للأمور في موضعها الصحيح.


فتح الباب لغلاء المهور -يحول هذا الرمز المعنوي المتعالي على المادة إلى كونه سعرا أو ثمنا تقدر به سلعة من سلع السوق التي يزيد سعرها ويهبط بالمساومة أو المفاضلة؛ ومن ثم فقد شجّع النبي صلى الله عليه وسلم المجتمع المسلم على قلة المهور حتى أنه جعل من يسرها وقلتها سنة من سننه التشريعية يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «خير الصداق يسراه»، وقد طبق ذلك عمليًا حين زوج ابنته فاطمة رضي الله عنها وأرضاها وكان مهرها "درعا" وهي سيدة نساء العالمين في الإسلام.

 


أما قول الله تعالى "وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا" [النساء: 20]، فليس تصريحا بجواز زيادة المهور، وإباحة للمغالاة فيها - كما يقول شيخ الأزهر- وإنما هي للتشديد على أن المهر حق خالص للزوجة، لا يجوز لزوجها أن يأخذ منه شيئا حتى ولو كان أعطاها منه قنطارا من ذهب.. تُرى ماذا يحدث لمجتمعاتنا إذا استمع الناس لكلام شيخ الأزهر وطبقوا رؤيته الشرعية العلمية المعتدلة.. هل كنا نعاني أزمة عنوسة أو عزوبية؟!

الجريدة الرسمية