من رسائل الإمام الأكبر
ضرب الزوجات.. بين الحقيقة والافتراءات!
يسيء كثير من الناس وخصوصًا الأزواج فهم قوله تعالى: «وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ»؛ حيث يعتبر البعض أن الضرب قاعدة بنص القرآن.. لكن العكس هو الصحيح تمامًا..
فالحكم الشرعي العام في جريمة الضرب هو: حرمة الضرب حين يكون بقصد الإهانة أو الإيذاء لأي إنسان، كما ذهب الإمام الأكبرالدكتورأحمد الطيب شيخ الأزهر في برنامجه الرمضاني "الإمام الطيب"؛ مصححًا مفاهيم مغلوطة استقرت للأسف في أذهان الكثيرين حتى صارت قاعدة تكرس لأوضاع خاطئة على غير مراد الشرع الحنيف.
شيخ الأزهر كان حاسمًا حين أكد أن تلك الآية الكريمة السالفة لا تصلح للاحتجاج بها على أن القرآن يؤصل لضرب المرأة، وأن الاحتجاج بها في هذا المقام جهل عريض بلغة القرآن، ودلالات ألفاظها، موضحًا أنها لا تقرر حكما عاما للرجال يبيح لهم ضرب النساء، ولا تعطي حقا مطلقا للأزواج في ضرب زوجاتهم، يستعملونه وقت ما يريدون، ويتركونه وقت ما يريدون، أو يقترفونه كلما شعروا بحنق أو غيظ أو غضب في حوار مع زوجاتهم أو نقاش أو جدال، أو أي سبب آخر من الأسباب غير سبب النشوز.
حالة إباحة ضرب الزوجة
فرق كبير جدا بين القول بإباحة ضرب الزوج لزوجته كلما رأى ذلك، أو أراده، وبين القول إنه يبيح للزوج قدرًا معينًا محدودًا من هذا التصرف، يلجأ إليه التجاء المضطر لعلاج أخير ينقذ به أسرته وأطفاله من التدمير والتشريد.
هناك حالتان مختلفتان أشد الاختلاف كما يقول شيخ الأزهر؛ الأولى: حالة إباحة ضرب الزوج زوجته إباحة مفتوحة، في كل الأحوال والظروف، وكيفما كانت الأسباب والدواعي، وهذه حالة نهى عنها القرآن نهيا صريحا في قوله: « وَلَا تُضَارُّوهُنَّ»، وقوله: «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ»، وهي حالة محرمة على الزوج تحريما باتا، وهي الحالة التي يدلس بها الكارهون للقرآن على الناس، ويزعمون لهم أنها المقصود من قوله تعالى: «وَاضْرِبُوهُنَّ»..
والثانية: حالة إباحة ضرب الزوجة اضطرارا في حالة معينة وبشروط تكاد تفرغ الضرب من أي شبهة للإيذاء، ومن باب ارتكاب ضرر أخف لمنع ضرر أكبر يهدم الأسرة على رءوس الجميع.. ثم يقطع الإمام الأكبر الطريق على المتنطعين بقوله أن الاستدلال بآية "وَاضْرِبُوهُنَّ" على إباحة الضرب مطلقا تدليس وسوء فهم متعمد لتضليل الناس وهو ما يحسم الجدل في قضية جدلية خاض فيها كثيرون بلا علم ولا هدى وبسوء قصد أحيانًا..
فالقرآن يحرم على الزوج إيذاء زوجته حتى وهو يكرهها مشددا على أن من يتأمل آية «وَاضْرِبُوهُنَّ» في ضوء الآيات الأخرى السابقة والتالية لها، لا يمكن أن يتشكك في أن قوله هذا استثناء من قاعدة، وحالة من حالات الاضطرار والضرورة.