مهارات تنفيذ التدريس الفعال.. تكثيف التدريب والممارسة
عزيزي القارئ كنت قد وعدتك في المقال السابق بمناقشة مهارات تنفيذ التدريس الفعال، وذلك بعد أن تحدثنا عن مهارات الإعداد والتخطيط، وتناولنا خصائص المعلم الفعال ومهاراته وكفاياته المطلوبة، وفي الحقيقة أن هدفنا العام من تناول مهارات تنفيذ التدريس الفعال هو تحسين الممارسات التربوية للمعلمين، وصولا إلى شعور المعلمين والمتعلمين بمتعة وجودة الأداء التدريسي.
يدل مدى تمكن المعلم من مهارات تنفيذ التدريس الفعال على مدى قدرته على الإدارة والقيادة، ليس لغرفة الصف فحسب؛ وإنما إدارته لشخصيته ولأدائه ومهاراته التدريسية، ومدى استثماره لكل عناصر البيئة ومعطياتها فى خدمة العملية التربوية والتعليمية، وقيادته لعملية تعلم الطلاب وبناء الثقة معهم.
وإذا كانت مهارات إعداد وتحضير الدرس هى بمنزلة البنية التحتية لمهارات التنفيذ التقويم، فإن مهارات تنفيذ الدرس هى بذاتها صلب العملية التعليمية وإطارها المادى المتحرك الظاهر للعيان، والذى يمكن ملاحظته وقياسه والحكم عليه، فمهارات تنفيذ الدرس هى ترجمة الجانب النظرى إلى التطبيقى العملى، حيث ينتقل المعلم من مرحلة التخطيط لتحقيق الأهداف السلوكية، إلى مرحلة الفعل والممارسة والأداء.
وإن كان هناك تدريس تلقينى يدعو إلى حفظ المعارف والمعلومات دون إعمال العقل فيها، فهناك أيضًا تدريس نقدى وإبداعى، يتخطى مرحلة التذكر والحفظ ويشجع الطلاب على التفكير.
وتشمل عملية تنفيذ التدريس الفعال على العديد من المهارات، والتى من أهمها كل من مهارة: التهيئة، وجذب الانتباه، وتنشيط الدافعية، وتوجيه الأسئلة بأنواعها المختلفة، وإدارة الوقت، وتوجيه الصف وقيادته، وعرض الدرس وتقديمه، والتواصل، واستخدام المثيرات، وتحركات المعلم المتوازنة داخل الصف، والتعزيز، وغلق الدرس.
مهارات تنفيذ التدريس الفعال
هناك مثل إنجليزى يقول: إن الانطباع الأول هو الانطباع الأخير.. ونحن فى ثقافتنا المصرية نقتنع بأن الانطباعات الأولى ربما تدوم طويلا، لهذا تتضح قدرة المعلم وبراعته فى تطبيق مهارات تنفيذ التدريس الفعال منذ اللقاء الأول مع طلابه، الذين يحاولون خلال هذا اللقاء تكوين انطباعات أولية عنه، فتسيطر عليهم مشاعر الترقب والتحفز والقلق، بينما يهدف هو خلال هذا اللقاء إلى إيجاد حالة من الألفة والقبول والتفاهم والتواصل معهم من البداية.
ولكى يستطيع المعلم كسر حائط الجليد بينه وبين طلابه عليه أن يعد لهذا اللقاء مسبقا، بالحصول على قائمة بأسماء الطلاب وتعرف بعض المعلومات عنهم، وأن يذهب قبيل بدء اللقاء إلى غرفة الصف ويطمئن على سلامة البيئة الصفية الفيزيقية وتنظيمها من أثاث وتجهيزات ومواد ووسائل، وحينما يبدأ يقف فى مقدمة غرفة الصف بحيث يراه كل الطلاب، وهو مبتسم فيلقي عليهم التحية والسلام، ويعرفهم بنفسه وبمادة تخصصه دون تكبر أو استعلاء..
ثم يبدأ في التعرف عليهم فينادى كل طالب من كشف الأسماء باسمه، ويسمح له بنصف دقيقة ليعرف عن نفسه وهواياته، ثم يعرض المعلم على الطلاب مخطط المادة، والذى يشمل تاريخ البدء فى التدريس وانتهائه، وطبيعة دراسة المادة، وأهدافها وأهمية دراستها، ومصادر تعلمها الأخرى بجانب الكتاب المدرسى.. وأساليب التقييم بها، وبعد ذلك يسمح للطلاب بطرح الأسئلة والاستفسارات فى مناخ داعم وآمن.
ومن أهم مهارات تنفيذ التدريس الفعال فى اللقاء الأول مهارة إعداد اللائحة الصفية، حيث يقوم المعلم بمناقشة بنودها وأحكامها مع طلابه، فتتضمن نظام التعامل داخل الصف، ومعايير تشكيل مجموعات التعلم التعاوني، وطريقة المناقشة والإجابة عن الأسئلة، ونظام الدخول والخروج من الصف، وغيرها من بنود توضح الحقوق والواجبات وتوزع المسئوليات الصفية على الطلاب، وتحدد درجات المخالفات وأنواعها، وبعد الاتفاق على اللائحة يتم وضعها فى مقدمة غرفة الصف ليشير إليها المعلم عند صدور الممارسات المختلفة من الطلاب.
وفى نهاية اللقاء الأول يسمح المعلم لطلابه بتسجيل أحداثه، والتقاط بعض الصور الجماعية التذكارية، كما يوصى المعلم طلابه بالحرص والاجتهاد ويقدم لهم الأمنيات الطيبة، ثم يصطحبهم فى جولة بالمدرسة.
نصائح مهمة للمعلمين
ومن النصائح التى يمكن تقديمها لك عزيزى المعلم لتطبيق مهارات تنفيذ التدريس الفعال أن تحرص على أن تكون مثل هذا المعلم الذى يوظف حركاته وطبقات صوته ومختلف المثيرات والوسائل بالبيئة التعليمية التى تجذب انتباه الطلاب (صفارة، تحدث مع الجماد، الطرق على الباب). وينوع فى استراتيجياته وطرقه وأساليبه التدريسية. ويطرح الأسئلة الواضحة والمشكلات، ويقص الحكايات ويضرب الأمثلة المرتبطة بمادة تخصصه.
يحرك عقول وأجساد ووجدان طلابه، ويطلق لهم حرية التعبير والمشاركة. ويشجع طلابه على التفاعل الاجتماعى الإيجابى، والانخراط النشط الفعال بالتعلم، على أن تكون بداية ذلك بالمشاركة فى تحديد أهداف الدرس. وينادى طلابه بأسمائهم، ويحترمهم، ويكلفهم بالأنشطة المحببة إليهم سواء الفردية أو الجماعية.
ينصت إلى أفكار طلابه باهتمام، ويشاطرهم مشاعرهم، ويناقشهم فيها، ويعزز استجاباتهم. ويكتشف ذوى الاحتياجات الخاصة من طلابه، سواء الموهوبين أو ذوى صعوبات التعلم، ويتعامل معهم باحترافية. ويضع دستورًا للصف تحت عنوان "اللائحة الصفية " يعده ويناقش بنوده وأحكامه مع طلابه.
يهتم بتنفيذ المهام الإدارية من: (تفقد الحضور والغياب، والمحافظة على ترتيب مناسب للمقاعد، والإشراف على نظافة الصف وتهويته وإضاءته) بنفس القدر من الاهتمام بتنفيذ المهام المتعلقة بتنظيم عملية التفاعل الصفى. وينتقل بسلاسة بين أجزاء الدرس، ويحافظ على الوقت المخصص لكل جزء، ويربط خبرات الطلاب السابقة بالمعارف الجديدة بطريقة مشوقة.
وإياك أن تكون عزيزى المعلم مثل هذا المعلم الذى يكتفى بقراءة الدرس من الكتاب المدرسى، ويتجاهل طلابه، ولا يوجههم إلى مصادر التعلم الأخرى. ويتعجل، أو يختصر، أو يتكبر، أو يبخل على طلابه حتى بكلمات الثناء البسيطة. ويجلس لفترات طويلة فيصبح صفه ساكنًا مثل الماء الركد، ويترك السبورة محملة بدروس المواد والحصص السابقة.
أو ينصرف إلى موضوعات جانبية غير مرتبطة بتحقيق أهداف الدرس. وينفرد بالحديث طول زمن الحصة، فيكون هو المتكلم الوحيد وجميع الطلاب مستمعين. ويتحدث بصوت خافت ورتيب وجامد ووجهه باتجاه السبورة تمامًا، أو بصوت مرتفع يمثل ضجيج وإزعاج للطلاب.
يهمل ممارسة الطلاب للأنشطة الصفية، ولا يكلفهم بالواجبات المنزلية. ويكثر التأنيب والتهديد والوعيد والصراخ، والعقاب البدنى والنفسى. ويجعل بعض الطلاب عيونا على الآخرين فيزرع العداوة بينهم. ويتخذ السلوك السلبى للطلاب مسألة شخصية، ويعاقب بشكل جماعى مما يستدعى استياء الطلاب وتمردهم.
ولكى تتأكد عزيزى المعلم إلى أي نوع من المعلمين تنتمى، وما هو التقييم الصادق لمهاراتك فى تنفيذ التدريس الفعال فيمكنك استخدام التأمل والتقييم الذاتى، وتقييم الأقران، أما المعيار الذى لا يخيب ولا يكذب فهو تقييم الطلاب لك، فلا مانع من تقديم استبيان لهم يتضمن جميع ما أشرنا إليه من مهارات، ولا يشترط أن يذكر الطلاب أسماءهم فيه، حتى يجيبوا عنه بصراحة، ومما لا شك فيه أن نتائج هذه التقييمات سوف تفيدك فى تحسين وتطوير مهاراتك وأدائك التدريسى فى المستقبل.
وللحديث بقية