رئيس التحرير
عصام كامل

صناعة التدريس الفعال

تحدثنا فى المقالات السابقة عن التدريس الفعال وعن أهم عناصره ومهاراته، وتناولنا مهارات الإعداد والتحليل والتخطيط وأهميتها للمعلم والمتعلم، وقبل أن نتناول مهارات تنفيذ الدرس، وجب الحديث عن المعلم الفعال ومهاراته وخصائصه وكفاياته المطلوبة، ويرجع ذلك إلى اعتبار المعلم أحد أهم المحاور والمقومات الرئيسة للتدريس الفعال.

كيف يجعل المعلم تدريسه فعالًا؟


فالمعلم الفعال لن ينتج عنه إلا تدريس فعال، ذلك التدريس الذى يتطلب حيوية وتواصلا حتى يحدث أثرًا إيجابيًّا فى المتعلمين، والتأثير عادة ما يكون نتيجة تفاعل بين طرفين، وهما المؤثر المعلم، والمتأثر المتعلم، بحيث يترك لدى المؤثر عليه رد فعل معين يبدو جليا واضحًا فى طريقة تفكيره، واتجاهاته وعواطفه، وسلوكه وعلاقاته، وهى تغيرات ظاهرة يمكن قياسها.


والتدريس الفعال ما هو إلا قدرات ومهارات يمتلكها المعلم القائد الفعال، والتى على أساسها يستطيع أن يؤثر فى شخصية المتعلمين وسلوكياتهم بشكل متناغم، مستخدمًا من أجل ذلك استراتيجيات: الإقناع فى مقابل الإلزام، والتفاوض فى مقابل التنازل، والتسامح فى مقابل التعصب، والإلهام فى مقابل التقليد؛ غير أن تنفيذ هذه الاستراتيجيات ليس بالأمر السهل اليسير الذى قد يعتقده البعض، وذلك بسبب اختلاف شخصيات المعلمين وبرامج إعدادهم وتدريبهم.


وإننى لأفضل وصف عملية التدريس الفعال ب التدريس التفاعلى، فهو عملية إنسانية تفاعلية فى المقام الأول، ولا يعد التدريس فعالًا إلا إذا كان هناك تفاعل متبادل بين المعلم والمتعلم بقصد تحقيق أهداف ومطالب تربوية وتعليمية، كما توصف عملية التدريس الفعال بالعملية النشطة متعددة الجوانب؛ ما بين تربوية، ونفسية، واجتماعية، وأكاديمية، وإدارية، ولن أبالغ فى القول بأنها عملية أخلاقية قيمية، يستطيع المعلم الناجح الفعال من خلالها أن يستحوذ على انتباه المتعلمين، وأن يجذبهم إليه لينهلوا من خُلقه قبل علمه.


وتتوقف فاعلية عملية التدريس أيضًا على بيئة التعلم، التى يجب أن يتوفر فيها النظام، وتحديد الأدوار، والهدوء، أما إذا افتقر المناخ التدريسى إلى الهدوء وارتفع ضجيج الطلاب وصياح المعلمين فإن الفوضى ستعم، وسوف يفتقر الموقف التدريسي للفاعلية المنشودة، وبالتالى لن يتحقق التدريس الفعال.


ولكى يُحدث المعلم الفعال تأثيره الإيجابى فى طلابه فإن ذلك يستلزم مجموعة من الشروط الضرورية؛ والتى من أهمها: دراسة طبيعة المرحلة العمرية للمتعلمين المستهدف التدريس لهم، فلغة الخطاب وطرق واستراتيجيات التدريس الموجهة إلى الأطفال بمرحلة التعليم الأساسى تختلف عن تلك الموجهة إلى طلاب الجامعات..

 

ناهيك عن مراعاة ظروف المتعلمين الاجتماعية والاقتصادية، ووجود خطة تدريسية دقيقة مرتبطة بجدول وإطار زمنى محدد للوصول إلى الأهداف المنشودة، وتقسيم هذه الخطة إلى مراحل، ومتابعة إنجاز كل مرحلة، هذا بالإضافة إلى ضرورة توفر التمكن العلمى، والتربوى، والتكنولوجى للمعلم، لكى يحفظ مركزه من جهة، ولكى يبعث النشاط فى طلابه ويحفزهم للتعلم من جهة أخرى.

عوامل نجاح المعلم الفعال


ومن الكفايات والمهارات الواجب توافرها لدى المعلم الفعال على سبيل المثال وليس الحصر ما يلى:
المعلم الفعال مرح ومتسامح، وديمقراطى وعادل، ورقيق من غير ضعف، وحازم من غير عنف.
 المعلم الفعال ينتقل بعقول وقلوب طلابه إلى عوالم بعيدة، فيجتاز بهم حواجز الزمان والمكان، وهم ما زالوا داخل غرفة الصف، فهو مواكب ومطلع على كل ما هو جديد فى كل من مجال تخصصه العلمى والمهنى، الأمر الذى يجعل المعلم فى تلمذة مستمرة.


● المعلم الفعال يترك انطباعات إيجابية لدى طلابه، حيث يهتم بتكوين علاقات إنسانية معهم.
● المعلم الفعال هو الحاضر دائمًا فى حياة طلابه بتفعيل المنهج الخفى.
● المعلم الفعال يشجع طلابه على التفكير والتعلم وتحمل المسئولية الفردية والتعاونية فى التعلم، كما يهتم بآرائهم ومشاعرهم ويناقشهم فيها.


● المعلم الفعال لا يبالغ فى إصدار الأوامر، ولا يمارس التهديد والوعيد لطلابه.
● المعلم الفعال مدرس ومربٍّ وموجه ومرشد ومساهم مع طلابه فى عمليات البحث والاستقصاء، وقائد مسئول عن تنظيم بيئة التعلم وإدارتها، من خلال تنظيم بيئة الصف الدراسى.


● وقبل كل شيء المعلم الفعال يحب التربية والتعليم، ويعتبرها رسالة قبل أن تكون مهنة، فالمعلم ما لم يكن مدفوعا بحب التعليم ولديه رغبة فى أداء ما حمل من أمانة، فلن يتحمس لمهنته، وبالتالى لن ينجح، ولن يبدع فيها، ومن أعظم ما يبعث الرضا فى النفس ويشعر المعلم بقيمته فى الحياة نشر ما يملكه من علم.


وأخيرا أوجه الحديث إلى كل معلم يمر بحالة من الركود المهنى، ويشكو من الجمود والملل والرتابة فى أداءاته التدريسية، وإلى كل معلم يشعر بالكآبة وبأنه يمر بأصعب الفترات خلال عمله بالتربية والتعليم، وإلى كل معلم يتعرض لإحدى هذه الحالات المحبطة أقول له إياك واليأس وفقدان الأمل، فما زالت الفرصة موجودة..

 

عليك أن تبدأ بنفسك، فأنت أهم عوامل النجاح، لا تتوقف عن المحاولة، إياك والتفكير بأنك قد فشلت، أو تظن أن النجاح يعنى سيرة حياة خالية من العثرات والسقطات، فالنجاح صناعة تثمر وتزدهر من خلال التعلم من الأخطاء والصعود فوقها، عليك عزيزى المعلم أن تعمل على تطوير مهاراتك..

وأن تعلم أن الفشل الوحيد هو التخلى عن التعلم وترك المحاولة، وعدم التطلع إلى المرحلة المقبلة، والتمسك بالعادات السلبية، عليك عزيزى المعلم البقاء داخل دائرة الثقة، والخروج من دائرة الخوف، عليك تعزيز توقعاتك الإيجابية، وترسيخ سماتك ومهاراتك التى بها تستطيع أن تصنع النجاح وتجذب الفاعلية.

الجريدة الرسمية