مصر.. والسيناريو الأصعب
يخطئ من يتصور أن ما نعايشه في واقعنا الاقتصادى الآن هو نهاية المطاف، أو أن الأزمة التي تعانى منها البلاد هي الكارثة الأكبر، يقيني أن الأيام القادمة حبلى بما هو أصعب فما نمر به نتاج طبيعى لتبدل الأولويات، وإن كنا قد قطعنا شوطا مدهشا في ملفات أخرى.
فالكارثة الأكبر أننا لانزال نتعاطى مع ذات المعطيات، وننتظر نتاجا مختلفا دون النظر إلي البديهيات المتعارف عليها، فالمقدمات هي التحكم الرئيسى في النهايات، وما نقدمه اليوم لن تختلف نتائجه إذ أننا لا نزال نمضى في نفس الطريق الذي أدى بنا إلى ما نحن عليه.
الأمر ليس معقدا، بل بسيط للغاية، إذا أضفت حمض الكبريتيك على النحاس مع عوامل مساعدة لن تكون النتيجة ذهبا، النتيجة العلمية كبريتات نحاس بالطبع، والاقتصاد مثل الكيمياء، عبارة عن خلط مجموعة من العناصر معروفة وتكون النتائج أيضا معروفة.
أنفقنا على البنية التحتية مئات المليارات وحققنا معادلة مستحيلة، غير أننا أسرفنا فيما هو بعد البنية التحتية، وخلقنا مناخا طاردا للاستثمار واحتكرنا كل شيء ، وأغلقنا الأبواب المفتوحة أمام الناس، وعكفنا على كل ما هو استهلاكى واعتمدنا اقتصادا ريعيا قائما على الجباية.
العلم وأهل الثقة
بالطبع لن تكون النتائج أن تصبح نمرا أفريقيا أو أن تتحول إلى قلعة صناعية، أو أن تنافس عواصم المال في العالم، أو أن تحلب لبنا يطعم الأطفال والكبار، أو أن تصبح رقما اقتصاديا في محيطك، بالعكس تحركت عواصم أفريقية من الصفر وأصبحنا من خلفها نلهث دون أن نسابقها.
أذكر أننى في عام 2016 م كتبت كثيرا عن أولويات المرحلة، ولم تكن كتاباتى إلا محصلة لقاءات عديدة مع خبراء ومفكرين اقتصاديين، دون أن يستمع لنا أحد وكررنا في أعوام تالية مع غيرنا كثيرا، دون أن يلتفت إلينا أحد، فكانت النتيجة إننا كدولة نعيش يوما بيوم.
العلم هو سيد التقدم ولا يمكن لشخص واحد أو مؤسسة واحدة أو تنظيم واحد أن يقوم بوطن بحجم مصر، ومصر تزخر بالكفاءات التي قامت بدول في محيطنا ، ولم تكن في يوم من الأيام بلدا خاويا أو خاليا من الوطنيين الشرفاء والكفاءات الواعدة في كل مجال.
افتحوا آفاق النقاش واعتمدوا على الخبرات، وكفانا اعتمادا على أهل الثقة فما ضاعت مصر في تاريخها إلا من الاعتماد على نظرية أهل الثقة التي أضاعت علينا فرصا وأفقدتنا أرضا بذلنا الدم من أجل تحريرها، ولانزال نعيش آثار الفهلوة والبطل الملهم والرجل الواحد.