رئيس التحرير
عصام كامل

على الأهلى السلام

أتفه لاعب فى الأهلى يحصل على أموال أكثر من تلك التى يحصل عليها اللاعب العالمى محمد صلاح إذا ما احتسبنا ماذا يفعل كلاهما؟.. مشكلة الاحتراف فى مصر أنها نصف احتراف، أو إن شئت الدقة قلت ربع احتراف.. عقود وأموال ومكافآت دون أن يكون الواحد منهم يساوى فلسا واحدا.


انظر إلى قماشة النادى الأكبر فى مصر، وهو الأهلى، سترى عجبا، لا يوجد لاعب واحد تستطيع أن تحدد مستواه مباراتين متتاليتين، كما لن تستطيع أن تأمن ضعفه وهزاله وانتكاساته.. المسألة طالع نازل، ولا توجد محددات حقيقية لفكرة الاحتراف بأن يصبح اللاعب فعلا شغلته «لاعب».

 

تشخيص أمراض الأهلي


بعد مشكلة الجيل وما نعانى منه تصبح هناك مشكلة أهم، وهى أن النادى الأهلى لأول مرة فى تاريخه لا يصل القائمون عليه إلى تشخيص حقيقي لأمراضه، ونظن أن ذلك هو سبب الصعود والهبوط ليس موسما وموسما، وإنما مباراة ومباراة، حتى أصبحنا نحن الجمهور نضرب الودع قبل كل مباراة.


يخطئ من يظن أن أكبر مشكلات الأهلى هى قضية الانتماء.. قديما كنا نتحادث ونتفاخر بفكرة الفانلة الحمراء، وبعد الاحتراف المشوه لم يعد للفانلة الحمراء سحر أخاذ، وتحول الأمر إلى أشكال مادية فارغة المضمون، وحتى الاحتراف فى أوروبا يكون الحرص فيه على فكرة الانتماء إلى اللعبة والتطور والعمل الجاد، كلها مفردات تصب لصالح الأداء الجيد.

 

بئر الهزائم المنكرة


ما يحدث فى الأهلى هو اختزال لما يحدث فى الكرة المصرية، وهذا منطقى، فالأهلى والزمالك هما رافدا كل منتخب مع إضافات أخرى من عدة فرق، وعندما يصاب أي الفريقين بوعكة صحية تتداعى المنتخبات وتتهاوى وتسقط فى بئر الهزائم المنكرة.


صحيح أيضًا أن إدارة الكرة فى مصر «بعافية حبتين»، غير أن الأهلى باعتباره مدرسة الحسم والقول الفصل يؤثر على الجميع.. إدارة الكرة فى مصر تدار بالمحسوبية وبمن غلب وبمن له علاقات، وفى النهاية لا مكان للعلم أو البناء العلمى المدروس، والنتيجة خيبة أمل كبيرة ودائرة مفرغة ندور فيها.


انظر حولك وتمعن فيما يحدث.. غابت شلة واختفت من السوق الكروى، واحتل المشهد مجموعة من الشلل ضمنهم وجوه قديمة لا تتغير، وأخرى وصلت إلى حيث تحقيق المصالح والمكاسب وجمع الأموال والمناصب والمواقع دون أن تقدم رؤية علمية للخروج من بئر الفساد العفن.


وطالما غاب الأهلى وتدهور الزمالك فقل على الكرة السلام، ولا تنتظر إلا أن تظل نفس الوجوه فى المنظومة الرياضية كما هى مجموعات مصالح تقدم بعضها لبعض، وتتمحور حول ذواتها، أما الجماهير فليس أمامها إلا أن تهرب إلى الدوريات الأوروبية حتى صار من يتابع مباراة محلية متخلفا يسعى إلى نادى الأمراض المزمنة.


وعودة إلى الأهلى.. أتحدى من يذكر لى سببين لبقاء أى لاعب من هؤلاء الذين تصورهم الميديا باعتبارهم نجوما أو حتى نصف مواهب.. أتحدى من يذكر لى مبررا وحيدا لنزيف الأموال التى يتقاضاها أصغر لاعب من هؤلاء الذين يطلق عليهم الإعلام الرياضى لقب «لاعب».


نادى القرن أصبح ضائعا هذا القرن بسبب التخبط الإدارى وضياع هيبة النادى وفشل صفقات اللاعبين وعدم القدرة على الوصول إلى تشخيص حقيقى لما نعانيه، وبالتالى اتخاذ قرارات متخبطة من شأنها الوصول إلى ما وصلنا إليه.


والمشكلة الأكبر أن الأهلى ليس مجرد فريق، بالعكس، فعلى حالته الصحية تقاس صحة الرياضة فى البلاد فى كثير من الرياضات، وليس كرة القدم وحدها، ودون أن نتجاهل تأثير التخبط الإدارى القومى فإن الأهلى وحده ومعه الزمالك لديهما القدرة على تعديل المسار وبث الأمل وإعادة الروح.


وتبقى قضية عودة الجماهير للملاعب، والتى أتصور أن تأخرها لا علاقة له بالأمن الحقيقى، وإنما تلك شماعة ما زلنا نمسك بها ونتلاعب بمستقبل الرياضة، إذ لا يمكن أن نتصور رياضة بدون جمهور على مدار كل تلك السنوات، حتى أصبح العالم يتندر بنا وبما نردده حول شعار «مصر بلد الأمن والأمان»، فى حين أننا ليست لدينا قدرة على تأمين مباراة كرة قدم!

الجريدة الرسمية