فرصة للتصالح والتسامح
نستقبل بعد ساعات قليلة ليلةً طيبةً، يُقدَّر فيها الخير والرزق ويُغفر فيها الذنب، ومن ثم فهي ليلة لا مانع أن نسميها كما قالت دار الإفتاء ليلة البراءة أو الغفران، وهي فرصة حقيقية للوقوف مع النفس ومراجعتها وتصحيح مسارها مع ذاتها ومع الناس ومع خالقها عزّ وجل..
ففيها نفحات يجدر بنا أن نتعرض لها؛ لما فيها عطاء إلهي كريم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن» (رواه البيهقي والطبراني).
والمشاحن هو الحَقُودٌ، شَدِيدُ الْحِقْدِ وَالعَدَاوَةِ؛ أي أن الله جل في علاه يطلع فيها إلى جميع خلقه فيغفر لهم إلا مشرك حتى يدع شركه ويوحد رب السماوات والأرض، والمشاحن حتى يدع شحناءه ويصطلح مع من خاصمه.
أليست هذه دعوة ربانية لأن نتصالح مع أنفسنا ومع ذوي أرحامنا وجيراننا وزملائنا في العمل ومع كل من تربطنا بهم علاقات.. فكيف تطلب عفو الله ومغفرته وأنت لا تعفو ولا تصفح ولا تسامح ولا تبدى أي مرونة مع إخوانك لنبذ الخلاف وترك الحقد والنزاع..
وإذا كان الله جلت قدرته يغفر لمن يستغفر ويتوب على من يتوب، ويترك التشاحن والعداوة في ليلة النصف من شعبان أفلا يكون ذلك درسًا وعظة بليغة للخلق جميعًا أن يدربوا أنفسهم على التسامح والغفران والعفو والصفح، عملا بقوله تعالى: “وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” (النور:22)
والسؤال: ماذا نستفيد إذا تسامحنا.. وماذا يستفيد المجتمع من تصفية الخلافات وإنهاء الخصومات والمشاحنات بين أعضائه؟ لا شك أن التسامح يخلق لنا أجواء من السعادة والتراحم، كما تعود على مجتمعنا بالقوة والتماسك والتعافي والإنجاز.
هذه الليلة فرصة حقيقية لكل من يريد رضا الله سبحانه وتعالى، وجنته أن يصلح نفسه وما بينه وبين خصومه من قريب أو بعيد، سواء كانوا من أهله، أو أصدقائه، أو أي شخص آخر في محيطه فتلك هى القوة النفسية الحقيقية.. ليظفر برضوان الله وغفرانه.. اللهم عفوك ورضاك وحسن لقاك.