رئيس التحرير
عصام كامل

المنطق المقلوب.. في الأرز والحبوب!

رغم قرار الحكومة باعتبار الأرز سلعة استراتيجية يحظر حبسها عن التداول، بأي صورة؛ سواء بإخفائها أو عدم طرحها للبيع، أو الامتناع عن بيعها.. ورغم أن الإنتاج المحلى يكفينا طوال العام.. لكن لا تزال هناك أزمة أرز اعترف بها رئيس شعبة الأرز باتحاد الصناعات رجب شحاتة في مداخلته لأحد برامج التوك شو.. 

 

وهو  ما يعيدنا مجددًا لطرح السؤال: إذا كان إنتاجنا من الأرز يكفي احتياجاتنا المحلية فلماذا تحدث مشكلة في توفر هذه السلعة الاستراتيجية للمواطن.. ولماذا لم تفلح إجراءات وزارة التموين في السيطرة على سعرها.. أو توفيرها في الأسواق بكميات وأسعار مناسبة؟


للأسف أقصى ما فعلته  وزارة التموين حتى الآن -وفقًا لرئيس شعبة الأرز- أن أعلنت عن مناقصة لتوريد الأرز الشعير، كما بدأت بعض شركات القطاع الخاص بالاستيراد  من الخارج.. وهنا نصبح كالمستجير من النار بالرمضاء.. فكيف نلجأ للاستيراد بينما نعاني نقصًا واضحًا في الدولار، وكيف لم نصل إلى الاكتفاء الذاتي من الغذاء الذي هو أهم متطلبات الحياة؟! 

مافيا الاستيراد والسعر الاسترشادى

أليس شح الدولار هو مشكلتنا الأساسية التي بسببها تراكمت السلع والبضائع في الموانئ حتى صدر قرار بالإفراج عنها، وذهب رئيس الوزراء بنفسه ليتابع إجراءات الإفراج الجمركي في ميناءي الإسكندرية والدخيلة منذ أسابيع.. ثم أين المنطق في اللجوء لاستيراد سلعة هي أصلا متوفرة عندنا.. ومن أين لنا بالنقد الأجنبي اللازم لشرائها.. ومن المتسبب في رفع سعر الأرز حتى وصل  إلى  15 ألف جنيه للطن "الأرز الشعير".. ومن المستفيد من الاستعاضة عن المنتج المحلي بنظيره المستورد.. أهي مافيا الاستيراد أم أن المنتج الأجنبي أقل سعرًا من نظيره المصري.. كيف نتعامل بمنطق مقلوب مع الأرز والحبوب والاعلاف؟!


أسئلة كثيرة تحتاج لإجابة قاطعة من وزارة التموين لتبديد أو حل هذا اللغز.. وهل يمكن اللجوء للزراعات التعاقدية لسد هذه الثغرة وتوفير مزيد من الدعم السخي للمزارعين المصريين لتحفيزهم  لضخ مزيد من الإنتاج المحلي لإشباع السوق المصرية وتصدير الفوائض وتوليد مزيد من العملات الصعبة.. أليسوا مزارعونا أولى بالدعم بدلًا من تبديد الموارد النقدية على الاستيراد؟!


وهل يفضل المصريون الأرز المستورد "البسمتي" مثلًا.. أم أنهم لا يلجأون إليه إلا في أضيق الحدود، نظرا لارتفاع ثمنه عدة أضعاف الأرز المحلي  واختلاف طعمه؟!


المدهش حقًا أن رئيس شعبة الأرز باتحاد الصناعات ذهب إلى القول إنه عندما يتم إلغاء التسعير سيطرح المنتجون كميات أكبر من الأرز.. ما يعني أن مشكلتهم الحقيقية أن السعر الاسترشادي الذي افترضته الحكومة لا يحقق لهم هامش الربح المقنع؛ كما يعني أن السلعة قد تكون متوفرة في حوزتهم لكنهم لا يفرجون عنها انتظارًا لزيادة سعرها لتحقيق أرباح أكبر.. وهو ما يحتاج لتدخل الحكومة بحلول مناسبة تحقق المصلحة لجميع الأطراف!

 


المدهش أن أسعار الغذاء مستقرة عالميًا بل إن أسعار بعضها كما يقول مؤشر الفاو بدأت في التراجع عكس ما يحدث عندنا وهو ما يحتاج لتفسير من الحكومة التي عليها أن تجيب عن سؤال مهم: هل طبقت  قرارها بإلزام حائزي الأرز من المنتجين والموردين والموزعين والبائعين ومن في حكمهم بالمبادرة إلى إخطار الجهات المسئولة بنوعية وكميات الأرز المخزنة لديهم.. أم أن القرار لا يزال حبرًا على ورق؟!
ختام الكلام: إذا أردت أن تعرف مقامك عند الله فانظر إلى مقام الله في قلبك.. مقامك حيث أقامك.

الجريدة الرسمية