متى تنخفض الأسعار؟!
لعل أهم ما يشغل الناس في مصر وربما العالم الآن هو إجابة السؤال: متى تنخفض الأسعار ومتى تعود لسابق عهدها؟!
إجابة السؤال تبدو صعبة بعض الشيء حتى تولدت لدى المواطن قناعة ثم ترسخت شيئًا فشيئًا منذ عقود بأن الشيء الذي يرتفع سعره هنا في مصر لا يعاود الانخفاض مرة أخرى، حتى لو توفرت له الظروف الموضوعية والمنطقية التي تقضي بتراجع سعره إلا ما ندر.. وهو ما يجعل الغلاء سمة غالبة في أسواقنا لأسباب عديدة أهمها غياب الرقابة والردع وانعدام الضمير.
الحكومة تحاول دوما التدخل لتهدئة الأسواق؛ ليس كما تعهدت بفرض تسعيرة استرشادية تمنح للتجار هامش ربح معقولا تحمي به جيوب المواطنين، في مواجهة تجار جشعين لا يتورعون عن التربح من الأزمات، حتى ولو على حساب السلام الاجتماعي الذي قد يتهدده الجوع بالخطر، ويهدد معه الاستقرار برمته ويخلق حالة امتعاض تنزل بمنسوب الرضا الشعبي إلى مستويات تثير القلق..
لكن الحكومة تتدخل أحيانا بتوفير البديل الأرخص من السلع عبر مبادرات حكومية تتعاون مع السلاسل التجارية الكبرى، وهو ما يحدث انفراجة مؤقتة لدى طائفة من المجتمع، لكنها لا تكفي لخفض الأسعار بآلية مستدامة تحمي كل الفئات كل الوقت من تقلبات الأسواق وجشع الطامعين.
متى يتوقف انفلات الأسعار؟!
رسائل الطمأنة الحكومية لم تنقطع؛ ففي مطلع الشهر الماضي خرج المتحدث باسم مجلس الوزراء ليقول إن المواد الغذائية ستشهد انخفاضا في الأسعار، بعد الإفراج عن سلع وبضائع بقيمة 6.2 مليار دولار كانت متكدسة في الموانئ، وبالفعل ذهب رئيس الوزراء ليتابع بنفسه إجراءات الإفراج، ثم ألمح المتحدث بإسم مجلس الوزراء إلى بوادر انفراجة شهدتها السوق المحلية في ديسمبر الماضي، عقب استقبال البلاد مواد غذائية ومدخلات إنتاج قيل إنها ستسهم في إعادة الاستقرار..
لكن مضى يناير وجاوز فبراير منتصفه ولا تزال الأسعار تحلق في السماء وتجور على القوة الشرائية للمواطن، ثم لم تخرج الحكومة ولا متحدثها الرسمي لتحدد جدولا زمنيا لانخفاض الأسعار بصورة يتمكن معها المواطن من إشباع احتياجاته، لاسيما من المواد الغذائية الأساسية، لكن والحق يقال لا تزال منافذ الحكومة تلعب دورًا في توفير منتجات أرخص من مثيلاتها بالأسواق.. لكن هل تكفي هذه المحاولات لتحقيق الاستقرار الاقتصادي المطلوب؟!
المدهش حقا هو تراجع مؤشر منظمة الأغذية والزراعة حيث بلغ متوسطه 131.2 نقطة في يناير الماضي، وهو ما يشكل انخفاضًا قدره 1.1 نقطة (0.8 في المائة) مقارنةً بشهر ديسمبر، ويُعدّ هذا الانخفاض، الانخفاض الشهري العاشر على التوالي.
ومع هذا الانخفاض الأخير، شهد المؤشر تراجعًا قدره 28.6 نقاط (17.9 في المائة) مقارنةً بالذروة التي بلغها في مارس 2022، وكان انخفاض المؤشر في يناير نتيجةً للانخفاضات في مؤشرات أسعار الزيوت النباتية ومنتجات الألبان والسكر، في حين أن مؤشرات أسعار الحبوب واللحوم ظلّت مستقرةً إلى حد كبير.. فهل لدى الحكومة تفسيرًا لهذه الأرقام الصادرة عن منظمة أممية منذ أيام.. ومتى يتوقف انفلات الأسعار؟!
ختام الكلام: يقول الإمام علي بن أبي طالب: أمران لا يدومان للمؤمن: شبابه وقوته.. وأمران ينفعان كل مؤمن: حسن الخلق وسماحة النفس.. وأمران يرفعان شأن المؤمن: التواضع وقضاء حوائج الناس.. وأمران يدفعان البلاء: الصدقة وصلة الأرحام.