كلام عن السكوت
في عصرنا هذا لم يعد السكوت ممكنا على ما يحدث حتى وإن حذرنا الناس من ضرر الكلام أحيانا، وخاصة فيما يتعلق بعلاقات الدول بعضها البعض، لأن الكلام في عالمنا الآن صار مفتوحا ومتاحا لكل من يمتلك جهاز تليفون محمول يبث من خلاله ما يريد من كلام..
ولأن من يحبذ السكوت ويراه أفضل وأكثر أمانا لا يعش وحده في عالمنا، وإنما يعيش معه من يحبذ الكلام، سواء كان كلاما يستند إلى معلومات دقيقة أو كان كلاما مكذوبا ويختلق شائعات، وبالتالى لا يجدى السكوت في وسط بشر يتكلمون وبإسهاب شديد الآن!
لذلك الحل في ظل هذا المناخ المشبع بالكلام هو مزيد من الكلام أيضا.. بل والمبادرة بالكلام.. وهذه هى النصيحة الذهبية لمن يدير جهة أو مؤسسة أو دولة للدفاع عن مصالحها.. نعم بعض الأمور تحتاج إلى الكتمان أحيانا، ولكن لا ينبغى أن يكون الكتمان سياسة ونهج لهم دوما، وإنما عليهم أن يبادروا بالكلام وإتاحة المعلومات بشكل مستمر عن كل ما يتعلق بشؤن الجهات والمؤسسات والدول التى يديرونها، لأنهم إذا لجأوا إلى السكوت فإنهم يمنحون غيرهم فرصة ترويج كلامه حتى ولو كان مكذوبا ومغلوطا وغير حقيقى.
ولذلك لم تعد نصيحة السكوت من ذهب تصلح وتفيد الآن كما كان حادثا من قبل، وإنما العكس هو الصحيح الآن من يتحدث أكثر يكسب أكثر ويحمى نفسه من كلام الآخرين خاصة إذا كان هذا الكلام يستهدف تشويهه والإساءة إليه وتضليل الناس ونشر الشائعات والأكاذيب حوله.
السلاح الآن ليس السكوت وإنما الكلام وتحديدا الكلام المبادر الذي يأتي في وقته دوما دون تأخير أو انتظار يطول والمستند إلى معلومات حقيقية سليمة تصرع الأكاذيب وتقتل الشائعات في المهد أو تضييق الخناق على من يروجونها. فهذا عصر الكلام بعد التطور التكنولوجي في وسائل الاتصال الذي شهده العالم.
