وشهد شاهد من أهلها.. أمريكا في مرمى الاتهام!!
من جديد عادت للواجهة قضية تفجير خط أنابيب الغاز نورد ستريم الروسي الواصل لألمانيا.. التفجير وقع في سبتمبر الماضي ولم تتوصل التحقيقات السويدية والدنماركية والألمانية إلى شيء لكن أصابع الاتهام الغربية كانت تشير وقتها إلى ضلوع موسكو في الحادث.. حتى جاء الصحفي الأمريكي المرموق سيمور هيرش بمفاجآت جديدة نشرها في تقرير استقصائي على حسابه بمنصة سابستاك..
وهو أمر يبدو لأول وهلة مدهشًا ومستغربًا؛ فالصحفي ليس روسيًا بل أمريكي يدين بلاده بالتورط في تخريب هذا الخط بمساعدة نرويجية، حيث زعم هيرش أن غواصين في البحرية الأمريكية عمدوا في يونيو من العام الماضي إلى زرع متفجرات على خط الأنابيب؛ ليقوموا بتفجيرها بعد ثلاثة أشهر.
اتهامات سيمور هيرش ونفي أمريكا
هيرش يستند في دعواه إلى مصدر واحد- لم يكشف هويته – قال إن الفكرة ظهرت أولا في ديسمبر 2021 خلال مناقشات بين كبار مستشاري بايدن للأمن القومي حول كيفية الرد على الغزو الروسي المتوقع لأوكرانيا، ثم قامت وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) بتطوير الخطة لاحقًا، وتحت غطاء مناورات حلف شمال الأطلسي في يونيو 2022 أقدم غواصون أمريكان بدعم نرويجي بزرع متفجرات يمكن تفجيرها عن بعد على خط الأنابيب..
رواية هيرش إذا صحت تقودنا إلى تساؤلات عديدة: هل استدرجت أمريكا موسكو للمستنقع الأوكراني حتى تضعفها وتستنزف قواها.. وهل قدرت عواقب الحرب على أوروبا وعلى العالم الذي غرق في أزمات لا يعلم إلا الله متى تنتهى وكيف ستنتهي!!
البيت الأبيض سارع على لسان أدريان واتسون المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي إلى النفي القاطع لما اعتبره مزاعم من نسج خيال هيرش.. أما المتحدث باسم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية فقد أعاد تأكيد نفي البيت الأبيض، واصفا التقرير بأنه كاذب تماما وبشكل مطلق.. وعلى المنوال نفسه سارت الخارجية النرويجية التي قالت إن هذه المزاعم كاذبة.
موسكو هي الأخرى دخلت على خط الأزمة بعد نشر تقرير هيرش؛ مستندة على شهادة واحد من الأمريكان.. في البداية طالبت متحدثة باسم الخارجية الروسية، واشنطن بالتعليق على ما جاء في التقرير قائلة إن روسيا لاحظت بانتظام إحجام الدنمارك وألمانيا والسويد عن إجراء تحقيق مفتوح ومعارضة مشاركة موسكو فيه..
ولم تكتف موسكو بذلك بل طالب رئيس مجلس الدوما الروسي ياتشيسلاف فولودين بإجراء تحقيق دولي ودفع تعويضات للدول التي تضررت بسبب الهجوم الإرهابي: قائلًا يجب أن تصبح الحقائق المنشورة أساسا لتحقيق دولي، يقدم بايدن وشركاؤه إلى العدالة!
الأمر سوف يبقى سجالًا حتى تثبت التهمة بحجج وأدلة داحضة أو تتبدد المزاعم كاشفة عن الهدف الحقيقي الذي دفع هيرش لاتهام بايدن وشركاه.
والسؤال: هل يكفي أن تنفي أمريكا الاتهامات حتى تتبدد الشكوك حول ضلوعها في الحادث الذي جرجر أوروبا إلى شتاء قاسٍ شحيح الطاقة والغذاء.. أم أن اتهامات هيرش لبلاده لها أسانيد وجيهة؟!
ذلك أن التحقيقات التي جرت بمعرفة السويد والدنمارك وألمانيا لم تتوصل حتى الآن لتحديد هوية الدولة أو الجهة الفاعلة أو المتورطة في تفجير نورد ستريم.. الأمر الذي يفتح أبواب التكهنات على مصراعيها ويجعل كل الاحتمالات واردة، بل إن أقربها للمنطق يصبح وفقًا لطبائع الأشياء أكثرها قابلية للتصديق خصوصًا إذا طبقنا قاعدة فتش عن المستفيد من الجريمة.. وهو ما يجعل اتهام واشنطن واحدًا من السيناريوهات المقبولة عقلًا في تفسير ذلك الحادث الغامض الذي أضر بموسكو وحرم القارة العجوز من أهم مصادر الطاقة!
الأيام القادمة كفيلة بكشف أسرار جديدة ربما تكشف النقاب عن كواليس حرب أوكرانيا التي لن يعود العالم بعدها كما كان قبلها بأي حال!