بابا حنين (3)
أمر في فترات مختلفة بمشاعر يأس وإحباط مختلطة، وأشعر أحيانًا بأن الأبواب جميعها مغلقة في عيني، وأرى الحياة بنظرة سوداء وكأن الحياة ليست فيها أي شيء يستحق الأمل أو النظر له بنظرة تفاؤل أو نظرات وردية، وربما أخر تلك الفترات كانت هذه الأيام، بعدما استرجعت العديد من الذكريات التي جعلت قلبي يدمع قبل عيني.
ولكن تلك المرة، وجدت عندما حدثني أحد الأحباء الغاليين على قلبي وهو القس يونان عطا، أنه ذكرني بشيء ربما أغفل عنه أحيانًا في حالات ضعفي ويأسي، نعم أنا لا أخجل أن أعترف أنني أحيانًا أتعرض لنكبات تجعلني أشعر باليأس والإحباط، فأيوب البار شخصيًا تمنى الموت في لحظة من اللحظات وتمنى أن يعطيها له الله حينما قال: "يَا لَيْتَ طِلْبَتِي تَأْتِي وَيُعْطِينِيَ اللهُ رَجَائِي!، أَنْ يَرْضَى اللهُ بِأَنْ يَسْحَقَنِي، وَيُطْلِقَ يَدَهُ فَيَقْطَعَنِي".
ويوسف البار حينما كان في سجنه تملكه اليأس في لحظة من اللحظات وظن أن الخلاص يمكن أن يأتيه من إنسان وقال لخادم فرعون إن يذكره أمام سيده لعله يخرج من سجنه ويعود لحياته قبل السجن أو ربما لحياته قبل أن يلقيه أخوته في البئر أو يبيعوه للقافلة الإسماعيلية ويذهبوا به إلى مصر.
في حديثي مع أبونا يونان، تذكرت قسمة صوم الرسل، والتي تبدأ بآية من رسالة بولس الرسول إلى رومية وهي: "مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ"، التي يجعلنا شيطان اليأس وشبح الحزن ننساها، فأحيانًا لا ندرك مقاصد الله لحياتنا بأن يضع ناس أو أشياء في حياتنا تارة، وتارة آخرى يبعدهم عن طريقنا، وما جعلني أتذكر تلك الآية وصلاة القسمة عندما قال لي: "أشكر ربنا لما يبعت، واشكر ربنا لما يبعد".
فالله يرسل كل الأمور ليست لتكون معنا دائمًا ولكن ربما لفترة وجيزة أو طويلة وترحل، وليس لنتألم أو لنحزن، ولكن لندرك قيمة ودرسًا يريدنا الله أن نتعلمه وندركه في حياتنا، حتى لو لم ندركه في أول لحظات حياتنا، ولكن علينا الإيمان بأننا سندركه فيما بعد حسب خطته ومحبته وتدبيره لحياتنا.
Facebook: @PWOfficial