المياه نضال فلسطيني جديد..شح حصة الفرد اليومية بسبب الاحتلال الإسرائيلي.. سرقة الآبار الجوفية والبحر الميت مهدد بالجفاف
تناولت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" فى تقرير لها اليوم، أزمة شح المياه الذي يعانى منه شعب فلسطين الواقع تحت الاحتلال الإسرائيلي.
شح المياه فى فلسطين
وقالت الوكالة، لم تنجح فلسطين التي أنهكها الاحتلال في إيجاد حلول طويلة الأمد لأزمة شح المياه في المحافظات، أزمة تسببت في ابقاء معدل الاستهلاك اليومي للفرد الفلسطيني من المياه أقل من المعدل الموصى به عالميا وهو في تناقص، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء وسلطة المياه.
أزمة المياه التي تعصف بالعالم بسبب التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة وتراجع منسوب المياه العذبة، يعمقها الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على الأرض الفلسطينية والذي يسرق المياه الجوفية، ويمنع الفلسطينيين من الاستفادة من مواردهم الطبيعية، كما يعمق الأزمة ويمنع أي حلول لها.
يبلغ معدل استهلاك الفرد الفلسطيني 84.2 لترا في اليوم من المياه، 82.4 لترا في اليوم للفرد في الضفة الغربية، و86.6 لترا في قطاع غزة، وهناك تباين بين حصص الفرد من المياه بين المحافظات، لتكون أقل من الحد الأدنى الموصى به عالميا والذي يقدر بـ100 لتر في اليوم حسب معايير منظمة الصحة العالمية، في حين يقدر استهلاك الإسرائيلي 6 أضعاف الفلسطيني، بسبب سرقة الاحتلال.
ارتفاع نسبة التلوث
ولا تقتصر الأزمة على شح المياه، إنما أيضا على ارتفاع نسبة تلوثها، ففي قطاع غزة تصل حصة الفرد من المياه الصالحة للاستخدام الآدمي إلى 26.8 لترا في اليوم، بواقع 201.8 مليون م3 من المياه المتاحة للفلسطينيين غير صالحة للاستخدام الآدمي مقابل 246.6 مليون م3 صالحة للاستخدام الآدمي والتي تشمل المياه المشتراة والمحلاة.
إذ تفيد احصائيات الجهاز إلى أن أكثر من 97% من نوعية المياه التي يتم ضخها من الحوض الساحلي لا تتوافق مع معايير منظمة الصحة العالمية.
ويوضح التقرير أن كمية المياه المستخرجة من الحوض الساحلي في قطاع غزة بلغت 190.5 مليون م3 خلال العام 2020، في حين أنه يجب ألا تتجاوز 50-60 مليون متر مكعب في السنة، وأدى الضخ الجائر إلى نضوب مخزون المياه إلى ما دون مستوى 19 مترا تحت مستوى سطح البحر، وإلى تداخل مياه البحر، وترشيح مياه الصرف الصحي إلى الخزان، الأمر الذي جعل أكثر من 97% من مياه الحوض الساحلي غير متوافقة مع معايير منظمة الصحة العالمية.
تطوير نظام مائي فلسطيني
وبالعودة الى نوعية المياه الملوثة المتاحة للفلسطينيين بسبب تلوث مياه قطاع غزة، يشكل الوضع السياسي تحديا مهما يمنع تطوير نظام مائي فلسطيني متكامل على مستوى الوطن، حيث تسيطر إسرائيل على أكثر من 85% من المصادر المائية الفلسطينية.
وتعتمد فلسطين بشكل أساسي على المياه المستخرجة من المصادر الجوفية والسطحية، والتي تبلغ نسبتها 79% من مجمل المياه المتاحة، وقد بلغت كمية المياه التي يتم ضخها من آبار الأحواض الجوفية (الحوض الشرقي، والحوض الغربي، والحوض الشمالي الشرقي) في الضفة الغربية للعام 2020 نحو 108.8 ملايين م3، ويمنع الاحتلال المواطنين الفلسطينيين من الوصول إلى مياه نهر الأردن منذ عام 1967 والتي تقدر بنحو 250 مليون متر مكعب.
وأشار التقرير إلى أن الإجراءات الإسرائيلية التي تمنع المواطنين الفلسطينيين من استغلال مواردهم الطبيعية وخصوصا المياه أجبرتهم على تعويض النقص بشراء المياه من شركة المياه الإسرائيلية "ميكروت"، حيث وصلت كمية المياه المشتراة للاستخدام المنزلي 90.3 مليون م3 عام 2020، والتي تشكل ما نسبته 20% من كمية المياه المتاحة التي بلغت 448.4 مليون م3، منها 53.3 مليون م3 مياه متدفقة من الينابيع الفلسطينية، و299.1 مليون م3 مياه متدفقة من الآبار الجوفية، و5.7 ملايين م3 مياه شرب محلاة وتشكل 1% من المياه المتاحة.
المياه الفلسطينية رهن الاحتلال
وفي إطار سعي فلسطين لوقف استغلال الاحتلال غير القانوني للموارد الفلسطينية، ورفض أن تبقى المياه الفلسطينية رهن الاحتلال أو السيطرة الإسرائيلية، قال رئيس دولة فلسطين محمود عباس: "سنتوجه إلى الجهات الدولية المختصة لوقف عدوان الاحتلال على مياهنا".
وأكد في كلمته أمام المؤتمر العربي الرابع للمياه، في جامعة الدول العربية تحت شعار "الأمن المائي العربي من أجل الحياة والتنمية والسلام"، الذي تنظمه دولة فلسطين، برعاية رئيس دولة فلسطين، والتي ألقاها نيابة عنه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، نائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو، أن البحر الميت يشكل نموذجا آخر للاعتداء على مياهنا، إذ إنه يتقلص عاما بعد عام، بسبب تحويل مياه الأنهار أو حبسها، وغياب الاتفاق، حول التخصيص والإدارة، بما يتوافق مع مبادئ وأعراف القانون الدولي.
وأشار إلى أن حل قضية نقص المياه في وطننا العربي يقتضي وضع استراتيجية عربية موحدة وشاملة تدافع عن الحقوق التاريخية في المياه العربية في مواجهة الاحتلال، أو الاستغلال، أو التغوّل عليها، ووضع الخطط لمواجهة العجز المائي والغذائي في ظل التحديات القائمة.
من جهته، قال رئيس الوزراء محمد اشتية، إن سلطات الاحتلال الإسرائيليّ تسرق 600 مليون متر مكعب من المياه الجوفية الفلسطينية، البالغة نحو 800 مليون متر مكعب، وتحولها إلى داخل مدنها ومستوطناتها، مشيرا إلى أنّ "البحر الميت مهدد بالموت والجفاف بشكل كامل حتى عام 2044، بسبب الإجراءات الاسرائيلية بحقه".
وأضاف اشتية خلال فعاليات المؤتمر العربي الرابع للمياه: إن ثلث مياه الضفة يتم استخدامها داخل إسرائيل، وبالوقت الذي يستهلك الإسرائيلي 430 لتر مياه يوميا، يستهلك الفرد الفلسطيني 72 لترا فقط، وهو أقل من المعدل العالمي وهو 120 لترا يوميا".
وتابع اشتية: "نناضل من أجل حقوقنا المائية، والبحر الميت مهدد بالموت والجفاف بشكل كامل حتى عام 2044، بسبب الإجراءات الاسرائيلية بحقه، من تحويل موارده المائية واستنزاف مقدراته ومنها المعادن والاملاح التي تستخرجها شركات إسرائيلية".
حفر آبار مياه
وقال رئيس الوزراء: بعد عام 1967 بدأت إسرائيل حفر آبار مياه في الضفة الغربية أكثر عمقا من الآبار الفلسطينية، ما أدى لسيطرتها على معظم المياه الجوفية، وأدى لجفاف ينابيع مثل عين العوجا"، مضيفا: "هذه السرقة أثرت على تحول نمط الزراعة في فلسطين، إذ انخفضت مساحة الأرض المروية من 6% إلى حوالي 2% من الأراضي المزروعة، وتحوّل المزارعون من زراعة الحمضيات والموز إلى زراعة تحتاج كميات أقل من المياه، مثل التوت الأرضي وغيره".
من جهته، أكد رئيس سلطة المياه مازن غنيم أن الاحتلال يستغل المياه، لتقويض فرص اقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة، من خلال مخططاته التوسعية غير الشرعية، وعرقلته لجميع الجهود لتطوير القطاع المائي بمكوناته كافة؛ الأمر الذي يفاقم من معاناة المواطن الفلسطيني بالشكل المناسب، وهو ما يعتبر خرقا فاضحا للقوانين والمعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة.
وأشار إلى أن الاحتلال يواصل نهب مصادر المياه الجوفية والسطحية في الجولان السوري المحتل، وجنوب لبنان، وتتزايد أطماعه في المياه العربية بشكل عام، وسيطرته على أكثر من 85% من مصادر المياه في فلسطين، الأمر الذي جعلنا نواجه في فلسطين وضعا مائيا صعبا، كون ملف المياه أحد الملفات الخمسة في المفاوضات النهائية.
وأضاف: أن فلسطين تبقى الدولة الوحيدة التي ما زالت تقبع تحت الاحتلال نتيجة ازدواجية المعايير التي يتعامل بها المجتمع الدولي، مشيرا إلى أنه مهما تعاظمت مخططات الاحتلال، إلا أنه بالدعم العربي ستكون فلسطين قادرة على ان تلعب دورا أساسيا وفاعلا للمساهمة في ايجاد حلول للتحديات التي تواجه تحقيق الأمن المائي العربي.