الرحمن فاسأل به خبيرا (4)
من موجبات سلوك طريق الله تعالى.. تحرى المطعم وما يدخل في الجوف فالمطعم الحلال أساس وشرط لسلوك طريق الله تعالى وبه تستجاب دعوة العبد.. وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال لسيدنا سعد رضي الله عنه حينما سأله أن يدعو له بإذن يكون مستجاب الدعوة. قال: يا سعد: (أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة).. هذا ومن الأسباب التي قد لا يعلمها ولا يدركها الكثير من الناس في ثقل العبادات على النفس هو المطعم الحرام.. فمن أكل حراما ثقلت جوارحه في العبادات..
هذا ولنا الأسوة الطيبة الحسنة في الصحابة وأئمة الأمة وأعلامها رضي الله عنهم فقد كانوا من شدة ورعهم وتقواهم وتحريهم للحلال والحرام كانوا يتركون سبعين بابا من المباحات خشية أن يقعوا في شبهة واحدة. ومن ذلك ما روى عن ورع سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه. أنه كان يتألم يوما من شدة الجوع فجاءه خادمه بطعام وكان عادة ما يسأله عن مصدر الطعام ولشدة الجوع أكل دون أن يسأله كعادته. فقال له الخادم: سيدي لما لم تسألني عن الطعام من أين أتيتك به كعادتك. فقال: حملني على ذلك الجوع. ثم سأله من أين جئت به؟
الرزق الحرام
قال: مررت بقوم في الجاهلية فرقيت مريضا لهم وكان لهم عرسا فمررت عليهم فأعطوني هذا الطعام.. فقام الصديق رضي الله عنه مفزعا وهو يقول للخادم: (أنك كدت أن تهلكني) ثم أدخل يده في حلقه فجعل يتقيأ واللقمة التي أكلها لا تخرج. فقيل له إنها لا تخرج إلا بالماء فدعا بطست من الماء فجعل يشرب ويتقيأ حتى ألقى باللقمة. فقيل له: رحمك الله كل هذا من أجل لقمة. قال: لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله يقول: (كل جسد نبت من سحت النار أولى به) فخشيت أن ينبت شيء من جسدي من هذه اللقمة..
سبحان الله هذا حال أهل الله والذين يتطلعون إلى قربه تعالى ووصله. ومما يخزن وللأسف الشديد ما أكثر آكلي السحت والحرام في هذا الزمان. وما أكثر من يتفنن في تحصيل الرزق الحرام.. عفانا الله تعالى وإياكم..
هذا ويلزم طالب طريق الله تعالى الصدق في طلب التوبة من الله فالتوبة تأتي للعبد من الله تعالى بشرط صدقه في طلبها وأن يدلل على ذلك لقوله عز وجل: (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا)، والتدليل على صدقه في طلبها.. الندم على ما فات من الذنوب والخطايا. والإقلاع عن الذنب وعقد النية والعزم على عدم العودة إلى الذنوب والمعاصي. ورد المظالم إلى أهلها وإنابة الله تعالى في رد المظالم التي لا يمكن للعبد ردها. وكثرة الاستغفار لمحو ما علق بالقلب من النكتات السوداء التي طبعت به على أثر المعاصي والذنوب..
هذا ومما يعين على التوبة.. أولا: مصاحبة الأخيار عباد الله الصالحين.. ثانيا: مجانبة الأشرار وأهل السوء. ثالثا: جاهدة هوى النفس وشهواتها. الإكثار من الأعمال الصالحة فإن الحسنات يذهبن السيئات.