لغم "القيد العائلي".. مستند حكومي شرد أبناء المطلقات ويدمر مستقبلهم التعليمي.. والمصالح الحكومية "بهدلة"
حكايات المطلقات فى مصر تندى لها الجبين، ترويع وتخويف وتهديد مستقبل الأطفال بسبب الخلافات والصراعات الشخصية عرض مستمر، من هذه الحكايات المريرة فى مصر «القيد العائلي» أحد المستندات التى تحمل أهمية كبرى فى صياغة مستقبل الأطفال والطلاب بالمدارس والكليات بما يضع أولاد المطلقات أمام تعنت الآباء خلال رحلة الوصول إلى الأوراق والمستندات الخاصة بعائلة والده، والتى تعد من الشروط المشددة للحصول على المستند ودونه السراب.
حكايات مأساوية
تقول أم: يبلغ ابنى من العمر 15 عامًا، طلب منِّي أن أقدم له فى إحدى المدارس المتخصصة، ومن ضمن الأوراق المطلوبة للتقديم فى تلك المدرسة 3 قيد عائلى منهم قيد للجَد للأب والجَدة للأب والأعمام والعمات، كي أستطيع استخراجه أحتاج شهادات ميلادهم وبطاقتهم الشخصية وقسائم زواج وشهادة وفاة جَدة الأب، فكيف لى أن أعرف تاريخ وفاة والد الأب ووالدته أو محل إقامتهما أو محل ميلادهما، وكيف سأصل لشهادات ميلاد الأعمام والعمات، كل تلك البيانات والمستندات نحتاجها فى القيد العائلى، إما توفير تلك الأوراق والمستندات أو ضياع مستقبل أبنائنا وحرمانهم من استكمال تعليمهم وفق ما يرغبون.
واستكملت قائلة: بنتبهدل فى المصالح الحكومية، ولم نصل لنتيجة، فكيف لأب ليس له أي علاقة بأبنائه منذ طلاق والدتهم يهتم بتوفير تلك المستندات من أجل مصلحة أبنائه، وكيف لأم وأطفال انقطع تواصلهم بالأب منذ الطلاق يستطيعون توفير تلك المستندات، والأصعب من كل ذلك زوجة الأب الجديدة من المؤكد أنها ستتعنت فى إعطاء بطاقتها لطليقة زوجها من أجل مصلحة أبنائه.
وواصلت حديثها: نفسى حد يلاقى لنا حل، من المفترض أن تكون تلك المعلومات متوفرة فى مركز التعبئة والإحصاء، أو أي مصلحة حكومية مسئولة عنه، على أن يكون بمجرد ذكر اسم الأب رباعيًّا نستطيع استخراج تلك البيانات.
وقالت أخرى: أواجه مشكلة فى الوصول لصورة بطاقة طليقي للتقديم لأبنائي، فكيف سأستطيع الوصول لكل تلك المستندات الخاصة بأهل الزوج، لذلك أتفادى التقديم فى أي مصلحة تطلب تلك المستندات بما يؤثر على نفسية أولادي ومستقبلهم.
وتعقيبًا على ذلك، تقول غادة مصطفى المحامية: بالنسبة لشهادات الميلاد من السهل حاليًا أن تستخرجها الأم بعد حكم المحكمة الإدارية العليا عام 2021، والذى نص على أنه من حق الأم استخراج شهادة ميلاد لأبنائها، فى حالة تعنت الأب رفضه استخراجها أو فى حالة الخلاف أو الطلاق، ويسهل عليها ذلك قسيمة الطلاق أو حكم الحضانة.
وتضيف: فى بعض المدارس الإنترناشيونال الخاصة يتطلب وجود الأب فى إنترفيو الأولاد، ولكن مع انتشار الطلاق، بدأت بعض المدارس التغاضى عن هذا الأمر والاكتفاء بالولاية التعليمية التى تستخرجها الأم، وتستطيع من خلال الولاية التعليمية نقل أولادها بين المدارس المختلفة، أما بالنسبة للقيد العائلى فقد أوضحت "مصطفى" أن الأم تستطيع من خلال الرقم القومى الخاص بأبنائها تقديم طلب استخراج شهادت بيانات بالرقم القومى للأب، وبالتالى تستطيع الأم استخراج قيد عائلى للأبناء.
الموقف القانوني
توضح المحامية أن القيد العائلى للأعمام والعمات به الكثير من التعقيد أيضًا، إذ تواجه مشكلات فى استخراج القيد حتى فى حالة الاستقرار الأسرى لأن الكثير من الأهل والأقارب يتعنتون فى إعطاء صور بطاقاتهم الشخصية لغيرهم، فما بالك بالمطلقات.
وتضيف: أقترح لحل تلك الأزمة، أن يتم تعديل قانون الأحوال الشخصية ليقر بأن الولاية التعليمية تعطى للأم الحق فى إصدار القيد العائلى بموجب قرار الولاية التعليمية، أو إصدار قرار من الإدارية العليا باستثناء المطلقات من إيجاد الأوراق المطلوبة لاستخراج القيد العائلى والاكتفاء فقط بالرقم القومى للأب، والإقرار بأحقية الأم فى استخراج قيد عائلى دون قيود أو شرط.
من ناحيته، يقول المحامى محمد الجبالى: استخراج القيد العائلى يكون عن طريق الأم إذا كانت الحالة الاجتماعية فى بطاقتها الشخصية متزوجة، وشهادات الميلاد لأهل الأب من الممكن للابن أن يستخرجها، وفى حالة عدم الاستطاعة وعدم تعاون الأب، تلجأ الأم للنيابة بطلب تصريح لاستخراج المستندات اللازمة.
يلفت "الجبالي" إلى أنه بالنسبة للإجراءات الحكومية المتعلقة بدراسة الأطفال فى المدارس تحددها "الولاية التعليمية" وهى إدارة شئون الطفل التعليمية قبل بلوغه 15 عامًا، وغايتها الاهتمام بمستقبله الدراسى، من خلال اختيار نوع التعليم ومستواه وجميع الأمور المتعلقة بدراسة المحضون.
يضيف: ليس هناك صعوبة كما هو متصور فى إجراءات الحصول على "الولاية التعليمية" للأمهات، إلا أنها لا تزال كابوسًا مزعجًا بسبب إقدام بعض الآباء على التحويل لأبنائهم من مدارسهم إلى أخرى أقل فى المستوى والمصروفات عقب وقوع أي خلافات زوجية انتقامًا من الأم أو توفيرا للأموال، وهناك الكثير من القضايا التى تشهد نزاعًا بين الآباء والأمهات حول حق كل منهما فى تحديد مستقبل الطفل.
وأكد "الجبالي" أن الولاية التعليمية تثبت للولى الطبيعى وهو الأب عند عدم وجود خلافات زوجية، ولكنها تؤول للأم فى حالة الخلافات الزوجية، بشرط إثبات نزاع قضائى بين الزوجين، وتستطيع الأم أن تحصل على الصيغة التنفيذية بالولاية التعليمية لأبنائها خلال أسبوع، وتقوم المدرسة بتنفيذ القرار لأن عدم تنفيذه يضع المسئولين عن الرفض تحت المسئولية القانونية.
وتنص المادة 54 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدلة بالقانون 126 لسنة 2008 على أن تكون الولاية التعليمية على الطفل للحاضن، وعند الخلاف على ما يحقق مصلحة الطفل الفضلى يرفع أي من ذوى الشأن طلبًا إلى رئيس محكمة الأسرة بصفته قاضيًا للأمور المستعجلة الوقتية ليصدر قراره فى الأمر دون المساس بحق الحاضن فى الولاية التعليمية.
وأوضح أن القانون يعطى للأم الحق أن تحتفظ بوجود أطفالها فى نفس المدرسة قبل حدوث أي خلافات أو طلاق أو خلع، ولا بد أن يلتزم الأب بالمصروفات الدراسية وتستمر الحضانة مع الأم حتى 15 عامًا، وبعد ذلك يخير الأبناء للاستمرار مع الأب أو الأم، ويكون لهم مسكن حضانة وأجر مسكن.
نقلًا عن العدد الورقي…