شبكة حقاني.. مقتل أيمن الظواهري يفتح ملفات العمالة لصالح الاستخبارات الأمريكية
فتحت تصفية زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري الملفات حول العلاقات المعقدة للتنظيمات التكفيرية مع أجهزة الاستخبارات الأمريكية فى ظل التسريبات عن خيانة تعرَّض لها زعيم القاعدة على يد طالبان أو عناصر شبكة حقاني.
تصفية أيمن الظواهري
وحول صراع الدم تدور أحداث تاريخ طويل من التكفير والتكفير المضاد في معترك الجماعات الأصولية بهدف الوصول إلى السلطة مَهما كانت التضحيات.
ومع واقعة تصفية أيمن الظواهري ظهر دور شبكة حقاني التي وفَّرت الأمان لزعيم تنظيم القاعدة لتعيد إلى الأذهان ملفات التعاون بين الشبكة والمخابرات الأمريكية ضد الروس إبان غزو الاتحاد السوفيتى.
وفي ذلك الصدد كشف الممثل السابق للولايات المتحدة في أفغانستان زلماي خليل تفاصيل جديدة عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري شملت الخيانة من طالبان.
خيانة شبكة حقاني
وقال خليل زاد: إنه من المحتمل أن يكون بعض مسؤولي طالبان، بما في ذلك شبكة حقاني، قد ساعدوا واشنطن في تصفية زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.
وأضاف خليل زاد في مقابلة مع هيئة الإذاعة الأمريكية: "ربما هناك بعض مسؤولي طالبان على علم بوجود أيمن الظواهري في كابول، وقد لا تكون قيادة هذه المجموعة بأكملها على علم بوجوده".
ورجح وجود خلاف وغضب بين بعض قادة طالبان بشأن "انتهاك اتفاق الدوحة" مع وجود الظواهري في أفغانستان، لافتًا إلى أنه "لن يتفاجأ إذا ساعد بعض عناصر طالبان ومسؤوليها الولايات المتحدة في الكشف عن محل إقامة الظواهري".
وقتل زعيم القاعدة في غارة أمريكية بطائرة مسيرة في أفغانستان يوم الأحد الماضي، وكانت هذه العملية أكبر ضربة لهذه الجماعة بعد مقتل مؤسسها أسامة بن لادن عام 2011.
وبعد مقتل أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة على يد الولايات المتحدة، اتهم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن طالبان بانتهاك اتفاق الدوحة بشكل صارخ.
وأكد خليل زاد، الموقّع على هذه الاتفاقية مع طالبان نيابة عن الولايات المتحدة، ما قاله بلينكن، وقال: "إنه في ذلك الاتفاق، تعهدت طالبان بعدم السماح باستخدام الأراضي الأفغانية من قبل جماعات أو أفراد وخاصة القاعدة لتهديد الولايات المتحدة أو حلفائها".
وتابع خليل زاد أيضًا أن "أمريكا لم تثق أبدًا بقادة طالبان، وسوف تحاسبهم على الاتفاقية التي توصلوا إليها"؛ في اشارة إلى لعبة المصالح الدائرة في افغانستان
علاقات حقاني بالمخابرات المركزية الأمريكية
وبحسب كتاب أشباح الحرب، لـ كول ستيف، تمتع حقاني بعلاقات قوية مع المخابرات المركزية الأمريكية وكذلك المخابرات الباكستانية التان كانتا تمدانه في قتاله ضد السوفييت.
وظهر هذا جليا بعدما عملت الحركة على دعم تنظيم القاعدة وتوفير مخرج آمن لقياداتهم من أفغانستان مع وقوع الغزو الأمريكي، وفقا لكتاب حرب تورابورا إذ آوت الشبكة قادة التنظيم في نطاق نفوذها بالمنطقة الحدودية شمال وزيرستان الباكستانية.
كما لعبت المخابرات المركزية الأمريكية دورًا أساسيًّا في دعم وتسليح شبكة حقاني وكانت توليه اهتماما كبيرا وتعتبره شخصية محورية في "الجهاد الافغاني" ضد الروس.
كما تلقى حقاني دعمًا ماليًّا وعسكريًّا كبيرًا من باكستان.
ولا يزال العديد من المراقبين في الغرب وباكستان يرون أن للشبكة صلات قوية بالمخابرات الباكستانية رغم نفي الأخيرة.
علاقات معقدة بالقاعدة وطالبان وداعش
تدعي الشبكة أنها جزء من حركة طالبان نافية كونها تتحكم بكيان سري لإدارة العمل الاستخباراتي لصالح طالبان ولكن علاقة معقدة تربط الشبكة بتنظيم القاعدة إذ أكد تقرير للأمم المتحدة العام الماضي وجود تنسيق قوي بين يحيا حقاني أحد قادة الشبكة وأيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة لحماية مئات المقاتلين من القاعدة وإيوائهم عبر ١٢ ولاية أفغانية مختلفة.
كما رصد التقرير وجود تدريبات مشتركة بين مقاتلي الشبكة والتنظيم في معسكرات وزيرستان.
وأما عن علاقة الشبكة بتنظيم داعش ولاية خراسان فرغم عداوة الأخير لطالبان والقاعدة وما يتبعهما إلا أن الحكومة الأفغانية السابقة اتهمت داعش وحقاني بالتنسيق المشترك لهجوم على معبد للسيخ مارس العام الماضي بجانب هجوم آخر على الشيعة الهازار.
أعمال حقاني بطابع مخابراتي
تنتهج الشبكة توجه العمليات النوعية المؤثرة دون القيام بهجمات شاملة إذ أن عدد مقاتلي الشبكة بحسب مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي لا يتخطى ١٥ ألف مقاتل، إلا أن أعضاء الحركة يركزون على عمليات التفجير والاختطاف والاغتيالات إذ أكدت صحيفة “ناشونال جورنال” تميز الشبكة باستخدام أساليب التفجير المتقدمة وامتلاكهم لمخزون ضخم من المتفجرات الفعالة التي يمدون بها حركة طالبان في عملياتها.
وشنت الشبكة عدة عمليات ضخمة على مدار ١٥ عاما من أبرزها استهداف فندق سرينا بكابول واستهداف فندق الكونتينينتال لمرتين أوقعت آخرهما عشرات القتلى، كما قامت الحركة بهجوم على معسكر للمخابرات المركزية الأمريكية أوقع عدة ضباط قتلى، وكذلك هجوم على موكب لحلف شمال الأطلسي أوقع عدة جنود قتلى.
وقامت الشبكة بمحاولتي اغتيال للرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، والذي كان قد عرض منصب رئيس الوزراء علي جلال الدين حقاني، بينما قام الأخير بالرفض وفقا للصحفي الشهير سيد سليم شاهزاد.
وكل تلك الملفات تطرح تساؤل عن حقيقة شبكة حقاني ودورها في الصراع الأفغاني وفي المنطقة من بداية الحرب الافغانية مع الاتحاد السوفيتي قبل انهياره مرورا بالعداء مع الولايات المتحدة وأحداث سبتمبر والغزو الأمريكي لكابول
هيلاري كلينتون
وما يسير الدهشة عن علاقة الشبكة بالولايات المتحدة الأمريكية ما أعلنت عنه هيلاري كلينتون في 2011 حيث عقدت الولايات المتحدة المحادثات الأولى من نوعها مع ممثلين لشبكة حقاني المسلحة على الرغم من الحرب المعلنة بين واشنطن وعناصر طالبان بسبب أحداث 11 سبتمبر.
ولم تدل كلينتون بتفاصيل إضافية غير إن مراسلة بي بي سي في واشنطن كيم غطاس قالت إن واحدًا من كبار المسؤولين الأمريكيين أوضح أن اللقاء مع شبكة حقاني جرى في الصيف، وقبل أن تتعرض مصالح أمريكية في باكستان لسلسلة اعتداءات.
وقالت كلينتون: إن الولايات المتحدة أجرت محادثات أولية مع شبكة حقاني لمعرفة ما إذا كانوا سيحضرون مثل هذه اللقاءات.
وسبق أن تسرب معلومات في هذا الإطار، رفضت الولايات المتحدة تأكيدها أو نفيها.
وقالت كلينتون لصحفيين في باكستان التي تزورها: إن الولايات المتحدة وصلت الى حركة طالبان وشبكة حقاني لهدف اختبار مدى صدقهم ورغبتهم في الخوض بمحادثات سلام.
ويشكل التوصل الى حل ضرورة لوضع حد للحرب في افغانستان؛ وسهلت وزارة الخارجية الباكستانية اللقاء.
ولفت مسؤول أمريكي إلى أن المحادثات جرت بطلب من الاستخبارات الباكستانية، والتي سألت الولايات المتحدة منح الأمر فرصة.
وكل تلك الأحداث المتشابكة تشير بأصابع الاتهام إلى سياسة كبش الفداء أو التخلي عن حلفاء مقابل تحالفات جديدة في سياسة توزنات الاستمرار ضمن هرم السلطة في طالبان وداخل المجتمع الأفغاني المنكوب بالإرهاب منذ عقود.