أهلا رمضان
لحياة كلِّ إنسانٍ منا محطاتٌ، طالَمَا توقَّفَ عندَها قطارُ عُمرِه يتأمَّل فيها مواقف أسعدته وأخرى أشقته؛ لكنَّها رَغْم شقائها تحمل رَصِيدًا مِنَ الخِبْرَات الوافرةِ، التي إنْ امتزَجَتْ بالعلمِ؛ لأينعَتْ وأثَمَرتْ وأتت أُكلَها ولَوْ بعدَ حِين، فليس للإنسانِ أمام حكمةِ الله، إلا أنْ يَشكُرَه على كل ما أوتي مِنْ نِعم..
بلْ عليهِ أنْ يَحمَده – سبحانه وتعالى - على ما تعرَّض له من آلامٍ ربما ظنَّها حين حدوثها ابتلاءات بينما كانت من الله عطاءً؛ فيتسلَّح الإنسانُ المؤمنُ بقوله تعالى: «وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».. سورة البقرة (آية 216)، إنَّها راحةٌ أيما راحة، والخير كلَّ الخيرِ أنْ ينعمَ الإنسانُ بثروةِ الرضا؛ فيسعد في الدنيا والآخرة.
واستنادًا إلى تلكَ المعاني الراقية، يتعامل ذوو النفوسِ الطيبةِ مع واقعِ الحياةِ بصبرٍ تحدُوه الحِكمةُ، ورقيٍ يقوده الأمل في الخير، فنفوسهم أكثر صلابةً من أنْ تهزها ريَّاحُ الهمُوم أو تعصِف بها أكدارُ الدُنيا.
بعدَ أيامٍ نستقبل شهر رمضان، ذلك الضيف الكريم المحمَّل بنسمات السعادة والصفاء والنقاء.. أنه فرصة طيبة لإجراء ثورة تغيير ذاتية على النفس بتجاوز ما علق بها من ذنوب، وإصلاح ذات البين في نطاق العائلات والأسر والسعي في الخير وإعانة الفقراء مع الحفاظ على كرامتهم وعفافهم من دون تجريح، وبعيدًا عن استعراض أفعال الخير بطريقة تجلعها أقرب إلى الرياء منها إلى المعروف الذي أمر الله به.. والله من وراء القصد.