الصحافة والكلمات المفتاحية .. نقطة ومن أول السطر
لم تعد قضية الحريات وحدها هي الشغل الشاغل في محراب صاحبة الجلالة؛ فمع استمرار المطالبة بحتمية تهيئة بيئة تشريعية للعمل الصحفي تضمن للقلم حصانة من الضغوط وتوفر آلية عملية فاعلة للقيام بدور تكميلي للدور الرقابي الذي يريده صاحب القرار؛ ظهرَ على الساحةِ مطلبٌ حيويٌّ بعد انتشارِ المواقع الإخبارية.
يتعلق ذلك المطلب الحيوي بآلياتٍ احترافيَّةٍ للكتابة الصحفية، بعد أن وجد الصحفيُّ نفسه يخاطب تقيناتٍ حديثةً ومحركات بحث على شبكة المعلومات الدولية، فضلًا عن طغيان التريند على محركات البحث وما يتربط به من متابعة لحظية دقيقية تقوم عليها كتائب كبيرة في المواقع الإخبارية، ومع ذلك يجد الصحفي نفسه مُطالَبًا باحترام وتطبيق المعايير الأولى للكتابة في وصوله إلى القارئ، بمراعاة الدقة والأمانة والموضوعية والتوازن والحفاظ على تقاليد وقيم المجتمع، فمع ذلك التطور المتلاحق، لن تعملَ الصحافةُ في واقعٍ افتراضي منفصل عن النسق القيمي للمجتمع الذي تخاطبه.
قواعد الكتابة الصحفية
مع الانسحاب التدريجي للصحافة الورقية، وما يرتبط بصناعتها من تكاليف تتعلق بالطباعة والنقل، ظهر شروق تدريجي للمواقع الإخبارية وظهرت معايير تقنية مرتبطة بالكتابة الصحفية، ومن بين تلك المعايير، الكلمات المفتاحية، المطلوب التركيز عليها أثناء كتابة الخبر الصحفي، فضلًا عما يعرفه القائمون على التدريب الصحفي بشأن قواعد الكتابة الصحفية للمواقع الإخبارية والمعروفة بقواعد السيو، والتي تتطلَّب استخدامَ عناوين مباشرة ودراسة صياغات جديدة للفقرات الأولى من الخبر واحترام الكلمات المفتاحية، التي تفرض نفسها في جميع فقرات الخبر المكتوب، والعنوان والمقدمة.
الصورة المرفقة بالخبر الصحفي أيضًا، تخضع أيضا لمعايير دقيقة باختيار علمي وفق القواعد المناسبة للموضوع والتوصيف المرتبط بمحركات البحث.. ليجد الصحفيُّ نفسه بحاجة إلى تطوير على مستوى اللحظة.
ومع تلك القواعد المُشار إليها تظهر أهمية روح الفريق في العمل الصحفي، بعد أن باتت المواقع الإخبارية الناجحة أشبه بخلايا النحل المجندة لإنتاج العسل الأبيض، والعسل هنا هو خبر صحفي مكتمل المعايير العلمية الحديثة للكتابة الصحفية، أما الخلايا الصحفية، فتشمل أقسام التحرير، والسوشيال ميديا، والمالتي ميديا، والمراجعة اللغوية.
وتتسق تلك الجهود مع قسم الديسك الصحفي، الذي يتحمل مسؤولية كبيرة، بشأن متابعة وتطبيق المعايير التقنية الحديثة للكتابة الصحفية في المواقع الإخبارية، بعد أن بات مسؤولًا عن مخاطبة القارئ وجوجل معًا، وهكذا تبدو صناعة المواقع الإخبارية وممارسة الصحافة الإلكترونية الحديثة.
كنا نتحدَّث قديمًا عن احترام عقلية القارئ في الممارسة الصحفية، والآن بات حديثنا عن احترام محركات البحث مع احترام القارئ، بعد أن أصبحنا أمام معادلة جديدة في غاية الدقة والحساسية، بحتمية فرض توازن بين عقلية القارئ ومعايير الترويج للمادة الصحفية.. والله من وراء القصد.