رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا كنت مصرا على الاستقالة؟!

لم يكن الإعلام وحده من تأثر سلبًا بأحداث يناير 2011؛ التي كانت وبالًا على مصر ذلك أن الانفلات والتراجع والانقسام كان سمة كل شيء في هذا البلد وقتها، ومن ثم فقد بادرت بتقديم استقالتي من رئاسة دار التحرير (الجمهورية) دون تردد في اجتماع دُعيت إليه ضمن قادة الإعلام القومي والخاص مع رئيس الوزراء آنذاك الفريق أحمد شفيق ومن قبله في اجتماع المجلس العسكري.. كما طلبت من جميع الزملاء ومعظمهم حي يرزق أطال الله في أعمارهم في هذا الاجتماع التاريخي أن يتنحوا عن مواقعهم لإفساح الطريق لجيل جديد يتماشى مع المرحلة الجديدة، ويعبر عنها بصدق وواقعية، ويستجيب للمطلب الأول للمتظاهرين بإبعاد كل من له صلة بالنظام السابق. 

 

انفلات الإعلام

 

ورغم إبلاغي من بعض الأجهزة وقتها بأن التغيير المنتظر في الصحافة لن يشملني وذكر لي أربعة أسماء بالتحديد سوف يطولهم التغيير وهم الزملاء عبدالله كمال ومحمد علي إبراهيم وأسامة سرايا وممتاز القط.. لكن أصريت على موقفي وبالفعل تقدمت باستقالتي 3 مرات ومعي الزميل عبد القادر شهيب رئيس دار الهلال وقتها إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة وفي النهاية تم قبولها من الراحل المشير حسين طنطاوي، بعد أن رفض بقية الزملاء ترك مواقعهم طواعية ومواءمة لظروف كانت تحتم الاستقالة التي كانت ستجيء عاجلًا أم آجلًا.

 

وربما كان قبولها سببًا عجل بإجراء تغييرات صحفية جديدة لقيادات الصحف.. واحقاقًا للحق سألني وقتها الزميل كرم جبر رئيس مؤسسة روزا ليوسف كيف أقدم استقالتي ولمن وإجراءاتها ولكن التغيير قد سبقه. لقد قال البعض وقتها بأنني هربت من المسئولية باستقالتي وتناسى أن المشهد وقتها كان يتطلب استقالتنا جميعًا لتهدئة الأمور. 

 

ثم كيف أهرب من المسئولية وكان يتوفر لدي موارد مالية تكفي لصرف مرتبات 6 أشهر بالاضافة إلى 10 ملايين جنيه حصلت عليها من صندوق الطوارئ وتم إيداعها بحسابات المؤسسة وأيضًا فقد نجحت في إسقاط 16 مليون جنيه ديون على المؤسسة لصالح مجلس الشورى وأيضًا أنا من حققت أرباح في العامين الذين توليت فيهم المسئولية وهو ما سجله الجهاز المركزي للمحاسبات وقتها علاوة على أنني لم أتخلى عن الكتابة منذ استقالتي لصالح بلدي وشعبها. 

 

لقد أدركت مع ما حدث من انفلات حقيقي في الإعلام وكيف أثر في البلاد ويومها أدركت أن الإعلام القومي صمام أمان هذا البلد، وإصلاحه أولوية ينبغي لها أن تتقدم ما سواها في الأهمية إذا أردنا شعبًا واعيًا وحيوية مجتمعية وروحًا معنوية عالية ورأيًا عامًا داعمًا للدولة.

 

 

إصلاح الإعلام وتنميته وإعادة الإستثمار فيه وضخ دماء جديدة في شرايينه يصب في الصالح العام ويشكل حائط صد ضد رياح الفتن والتشويه وتزييف الوعي وهو ما أدركته الدولة بعد 30 يونيو وسعت لإصلاحه وترتيب أوضاعه.. وهو ملف يحتاج للمزيد والمزيد من التطوير والعلاج حتى يواكب المستجدات ويؤتي أكله.

الجريدة الرسمية