رئيس التحرير
عصام كامل

بلا واسطة ولا محسوبية!

دخلت جريدة الجمهورية وأنا طالب بالفرقة الثالثة بكلية الإعلام بطلب من الصحفي الكبير محسن محمد الذي عينه الرئيس السادات في عام 1975، والحق أني عرفته قبلها منذ كان مديرًا لتحرير الأخبار أثناء تدريبي معه وقد طلب مني الانتقال معه لجريدة الجمهورية بعد أن جرى تكليفه برئاسة تحريرها.. تعلمت على يديه الكثير فقد كان قارئًا جيدًا وصحفيًا من طراز فريد يعرف كيف يجذب القراء وقد إرتفع بتوزيع جريدة الجمهورية من 38 ألف نسخة إلى 800 ألف، وهو رقم غير مسبوق ليس في الجمهورية وحدها بل في كل الصحف المصرية والعربية آنذاك.

 

وكانت الجمهورية أجمل محطات حياتي حيث صدر قرار تعييني عام 1976 فيها دون واسطة ولا محسوبية؛ فلم أكن أعرف وأنا القادم من الريف وقتها مسئولًا كبير ولا حتى صغيرًا ليتوسط لي عند محسن محمد الذي كان يرفض المجاملة والوساطة في العمل ولا يرضى بغير الكفاءة والمهنية معيارًا ومسوغًا للتعيين.. وقد نجح بفضل هذه الصفات في تجديد شباب جريدة الجمهورية وارتياد آفاق غير مسبوقة في دنيا الصحافة حتى أنه في رأيي وبلا مبالغة واحد من صناع صحافة القاريء في عالمنا حتى هذه اللحظة. 

 

 

هذه كانت بيئة العمل في الصحافة في زمنها الجميل فلم يدخلها إلا من يملك مقومات الجدارة والاستحقاق والمهارات الحقيقية لمهنة القلم وإدراكا لقدر الرسالة ومقامها الرفيع الذي تهاوي للأسف تحت أقدام المحسوبية والابتزاز والانفلات الذي ضرب كل شيء في بلدنا بعد أحداث يناير.. ودخل المهنة من لا يملك أدنى متطلباتها علمًا وخلقًا وفهمًا.. حتى صارت مهنة من لا مهنة له.. وبنظرة فاحصة لأعداد المقبولين بجداول نقابة الصحفيين في السنوات العشر الأخيرة وآخرها منذ أيام ندرك كم جنينا على الصحافة وعلى مستقبلها.. وأي مصير أوردناها؟!

الغريب أن معهد الإعلام الذي التحقت به قبل أربعة عقود تحول إلى كلية تخضع لمكتب التنسيق وإنتهى عهد الاختبارات التحريرية والمقابلات الشخصية التي كان لابد من اجتيازها كشرط لقبول المتقدمين إليه.. وأصبح المجموع هو الفيصل لدخولها وليس الموهبة أو الكفاءة.

الجريدة الرسمية