جريمة الفيرمونت
في فيلم (الغول) الذي تم عرضه بداية التمانينات يحاول الشاب الفاسد نشأت بك الكاشف اغتصاب فتاة لكنها تهرب منه فيطاردها ويدهسها بسيارته قبل أن ينجح والده رجل الأعمال في تبرئته من جرائمه بعد طمس الأدلة..
وينتهي الفيلم مع يأس الصحفي عادل عيسى (عادل إمام) من تحقيق العدالة عبر المحاكم فيقرر استخدام "الساطور" في قتل رجل الأعمال فهمي الكاشف (فريد شوقي).. يتلقى رجل الأعمال الضربة والدماء تغطيه قائلًا (مش معقول) بينما يلقى الأمن بالكراسي في مواجهة القاتل في مشهد يذكرنا باغتيال السادات!
ولأنني لا أنوي الشعور
باليأس فسأحاول الدفاع عما أراه الحقيقة باستخدام "القلم"
وليس "الساطور".
اختراق جديد للمنصات الاجتماعية
المواقع الاجتماعية
ليست ساحة للإدانة أو البراءة لكنها قادرة على أداء دور الرقيب الشعبي الذي يسلط الضوء
على بعض القضايا بغرض مساعدة الجهات المسؤولة في الكشف عن ملابساتها.
منذ أيام ظهر هاشتاج
اجتاح المواقع الاجتماعية بعنوان (جريمة فيرمونت) حمل اتهامات لمجموعة من الشباب من
أبناء رجال أعمال بالاغتصاب الجماعي لفتاة عام 2014 وتصويرها داخل جناح أستأجروه بالفندق
بغرض التباهي أمام أصدقائهم..
ومع الوقت ظهرت اتهامات جديدة بأن هناك فتيات أخريات كن ضحايا لنفس "الشلة" التي يبدو أنها تستمع بإذلال ضحاياها بهذا النوع من الجرائم الجنسية.
لسنا في حاجة للبحث
حول دوافع المتهمين لارتكاب الجريمة فهي مسألة قد تهم علماء النفس والاجتماع لكننا
في حاجة للإقرار بحاجتنا إلى إجراء تحقيق رسمي في القضية من جانب النيابة العامة.
مشاهد في جريمة الحي الراقي
بتتبع ما نُشر عن
الواقعة، ففي البداية قام حساب عبر موقع انستجرام بنشر شهادة قيل إنها للفتاة التي
تم اغتصابها لكن سرعان ما تم إغلاق الحساب مع انتشار شائعة تُفيد بتهديد الجناة لأصحابه
للتوقف عن النشر (وهو الحساب ذاته الذي سبق ونشر اتهامات جنسية موجهة لطالب الجامعة
الأمريكية انتهت ببلاغات إلى النيابة وحبس المتهم)..
وإذ صحت محاولات الضغط لمنع الحسابات من النشر عن الواقعة فهي ستكون بمثابة "نكتة" في ظل ثورة المواقع الاجتماعية فسرعان ما ظهر حساب آخر قام بنشر تفاصيل جديدة عن الاتهامات الموجهة إلى أبناء عائلات نافذة.
من موقع انستجرام
إلى موقع تويتر انتشر تسجيل صوتي منسوب لأحد المتهمين وهو يهدد إحدى ضحاياه.. كما لم
يسفر البحث عن إيجاد حسابات المتهمين عبر المواقع الاجتماعية فيما يبدو أنهم قاموا
بإغلاقها بعد تداول أسمائهم..
أما الشركة التي روجت للحفلة ونشرت سابقًا صورها وفيديوهاتها فقد قامت بحذفها من على حساباتها على السوشيال ميديا.. ونحن هنا لسنا بصدد المحاسبة الأخلاقية لمن يشارك في مثل هذه الحفلات فالجميع من حقه اختيار الحياة التي تناسبه طالما لم يرتكب جرائم يعاقب عليها القانون.
الضبط الأخلاقي للمواقع الاجتماعية
كل ما سبق هي قرائن
وادعاءات بينما تظل هناك مخاوف مشروعة من إمكانية تلاعب المتهمين في الأدلة أو شعور
الضحايا بالخوف من الإبلاغ نظرًا لأن المتهمين من أبناء عائلات قادرة على طمس الأدلة
وإسكات الضحايا على طريقة فهمي الكاشف.
مرور سنوات على الواقعة
المشار إليها لا يعني ضياع الأدلة التي يمكن إيجادها في تسجيلات الحفلة أو تسجيلات
الفندق مع انتداب خبير صوتي لفحص التسجيل المنشور عبر المواقع الاجتماعية والمنسوب
لأحد المتهمين بجانب ما يمكن أن تقدمه الضحايا من شهادات رسمية أو تسفر عنه التحقيقات.
ببساطة لا أحد فوق
القانون مهما امتلك من أموال أو معارف أو نفوذ.. وستظل حسابات المواقع الاجتماعية
"ورقة ضغط" قادرة على إخضاع أقوى الحسابات البنكية ولكن ما نتمناه هي حسابات
العدالة حتى لا يهرب مجرم بجريمته أو يدان برئ بما لم تقترفه يداه..
كل ما نتمناه هو العدالة الناجزة التي تنصف الجميع مهما كانت أسماء المتهمين أو مناصب عائلاتهم حتى لا يحمل أحدهم يومًا "الساطور" محاولًا تحقيق العدالة بنفسه.
أناشد النيابة العامة
بفتح تحقيق بشأن ما يتم تداوله عبر المواقع الاجتماعية تحت عنوان (جريمة فيرمونت) مع
ضمان أمن وسرية المبلغين.. وعندها ستقول النيابة كلمتها الفاصلة إما الإدانة أو البراءة.