الضبط الأخلاقي للمواقع الاجتماعية
أولى اشتراطات الحرية أن يكون لها حدود وبدونها تتحول إلى فوضى يصبح الجميع ضحية لها.. وأولى أسس الحفاظ على المجتمع أن نحافظ على أخلاقه التي تمثل مجموعة القواعد التي يحاول المجتمع أن يشجع أفراده من خلالها على الالتزام بالسلوكيات والتصرفات المتفقة مع نظام هذا المجتمع وأمنه وازدهاره..
حيث إنها الخطوة الأولى للحفاظ على أمن المجتمع قبل الاحتياج إلى تطبيق القانون الذي يمثل القواعد التي يتم عبرها إجبار أفراد هذا المجتمع على الإتيان بالسلوكيات الصحيحة.
ولكن الأخلاق تشبه القوانين فكلاهما قابل للتغير عبر الزمن. وما كان مرفوضًا قديمًا قد يصبح مطلوبًا اليوم والعكس.. حيث تتأقلم النظم الأخلاقية لتتوافق مع النظم الاقتصادية والبيئية وغيرها لتحقق النتيجة المطلوبة وهي كما أشرنا "أمن وإزدهار المجتمع".
اقرأ ايضا: مدرسة السوشيال ميديا
ولكن أيًا كان التغيرات الاقتصادية والثقافية والتطورات التكنولوجية التي حلت على مجتمعنا فإنها لا تبرر وصول الأخلاق إلى هذا المستوى المتدنى لدى البعض الذين بات لديهم اعتقاد خاطئ بأن الحرية لا حدود لها.. وتجد هذه الشخصيات واضحة بالأخص عبر مواقع التواصل الاجتماعي فهي دائمة التجاوز والتطاول ضد كل من لا يروق لها..
تتجاوز وتهين وتخطئ وتتهم وتنشر الشائعات والأخبار الكاذبة والإدعاءات حتى أصبحت المؤسسات والمسؤولين والشخصيات العامة بل وحتى الأفراد العاديين من ضحايا هؤلاء الذين يعتقدون أن حرياتهم تسمح لهم بالإساءة للآخرين دون عقاب بعد أن إعتادوا خلال السنوات الماضية أن يستخدموا المواقع الاجتماعية باعتبارها أبواب "المراحيض العامة" التي يمكن لهم أن يكتبوا عليها ما يشاؤون دون وازع أخلاقي أو خوف من القانون!
في غياب الأخلاق وعدم الخوف من القانون يتحول البعض إلى وحوش لا يردعهم أحد.. تابع ما يحدث عبر المواقع الاجتماعية لتجد أن البعض يظن أن من حقه توجيه الإهانات والإساءات إلى أي شخص دون عقاب..
اقرأ ايضا: المواقع الاجتماعية تعيد زمن الإذاعات الأهلية
إنهم "سفلة المواقع الاجتماعية" الذين يفسدون استخدامنا لها.. وحسنًا فعلت النيابة العامة بإحالة فتاة من مشاهير موقع "تيك توك" للمحكمة الجنائية لتشجيعها الفتيات على ممارسة الدعارة.. وتحويل أخرى إلى مركز لحماية المرأة المعنفة لخوض برامج تأهيلية..
وغيرها من القرارات التي جاء آخرها أمر النيابة العامة بحبس اثنين من مشاهير موقع يوتيوب الذين اعتادوا نشر فيديوهات خادشة للحياء تتضمن إغراء بالدعارة بهدف التربح من خلال رفع نسب مشاهدات الفيديوهات.. وقد أوضح التحقيق معهما إقرار الفتاة باعتيادها ممارسة الدعارة باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، واستغلال ما حققته من شهرة من خلالها.. التصدي بقوة القانون لأمثال هؤلاء بات ضروريًا للحفاظ على أمن المجتمع.
ضبط المواقع الاجتماعية وتحويلها للاستخدام الآمن والمفيد يتطلب منا جميعًا ألا نتجاهل حقنا القانوني في السعي لمعاقبة كل من يفسد استخدامنا لهذه المواقع أو يتجاوز حدوده الأخلاقية والقانونية من "سفلة المواقع الاجتماعية".