رئيس التحرير
عصام كامل

ثورة يوليو وضرورة كتابة تاريخها بإنصاف !

وكما كان لثورة يوليو المجيدة مؤيدون كثر فقد كان لها أيضاً خصومها.. وعندما مضى عصر الثورة انطفأت أضواؤها، وفرغت من أكل بنيها، وتهيأت الفرصة لخصومها الذين نهشوا ما استطاعوا منها، ولم يسلم عبدالناصر نفسه من محاولات الهمز واللمز، وإهالة التراب على عصره كله وإنجازاته الكبرى..

 

والسؤال الآن: لماذا غاب الإنصاف والموضوعية في التعامل مع ثورة يوليو ومراحل مصر التاريخية السابقة.. وحضر التطاول والتشويه واختلطت الحقائق بالأكاذيب وغشيت أجواء النقد والتقييم ضبابية وشاعت الروايات المتضاربة وتواترت أحاديث عن سلبيات الثورة وأخطائها بعد رحيل ناصر..

هل أكلت ثورة يوليو أبناءها! 

فلم نجد لها توثيقاً أميناً ولا شهوداً عدولاً ينطقون بالحق أو به يعدلون أو يتجنبون المواءمات والهوى حتى صار الاختلاف خلافاً وخصومة جرى بموجبها تصنيف ثورة يوليو ضمن الموبقات السياسية وتجريدها من أي مزايا أو إنجازات رغم أنها لا تزال شاهدة على عظمتها وما قدمته للناس، وما أحدثته من تحولات جذرية في تاريخ مصر والمنطقة كلها شاء من شاء وأبى من أبى.

ومن أسف أن محاولات الإنصاف التي بادر بها البعض جاءت على استحياء ومواربة، وليس مستغرباً والحال هكذا أن تجهل الأجيال الجديدة في ظل غياب التوثيق الأمين والمحايد لثورة يوليو حقيقة تلك الثورة وما تحقق من مبادئها حتى اختلط الحابل بالنابل وجرى تشويه الحقائق التي غابت بعض جوانبها ولم يعرف منها إلا ما أبرزه الإعلام في الأعمال الفنية والدرامية من أفلام وأغانِ لا تزال مصدر إلهام وإمتاع كبيرين يتلقاها الناس بشغف هائل.. فكيف يبنى الإنسان بمعزل عن حقائق التاريخ؟!
ثورة يوليو.. والتقييم الصحيح!
وإنصافاً للحقيقة فإن ثورة يوليو غير المعصومة من الخطأ حققت ما لم يكن يحلم به شعب مصر، ويكفي أنها قضت على الاستغلال والعبودية، ونجحت في تذويب الفوارق بين الطبقات والقضاء على الاستعمار ووفرت التعليم المجاني للجميع..

 

وهي بهذا المعنى كانت أكثر إنجازاً وتغييراً إيجابياً لواقع الناس.. فهل نجد من يعيد كتابة التاريخ بموضوعية وحياد حتى نرى أجيالاً جديدة تدرك حقيقة ما جرى في مصر وما يراد بها وبالمنطقة كلها.. فالوعي الشعبي قادر على العبور بمصر من الأزمات والتحديات الكبرى.


الجريدة الرسمية