سد النهضة.. وكورونا.. والغرب متفرجا!
بالصدفة كنت اتابع بعض التقارير التى تصلنى من بعض الأصدقاء، حيث أرسل صديق تقريرا يؤكد أن اثيوبيا اتخذت قرارا منفردا بعيدا عن مصر والسودان، بالبدء فى ملء خزان النهضة بأربعة مليارات متر مكعب بدءا من شهرين من الآن!
تناول التقرير بعض الآراء لخبراء ومهتمين بالسد جميعهم إثيوبيون، ومنها ما حمل فى طياته محاولات التطمين الزائفة مثل مقولات، السد ليس ضد مصالح الأصدقاء، نحن نعمل لمصالح الشعب الإثيوبى وهذا لا يغضب الإخوة فى السودان ومصر، ومن الآراء أيضا أن المياه مياهنا والسد سدنا ونحن أحرار فيما نملك..
كلام كثير ولكن المهم أنهم يستغلون انشغال العالم بأزمة كورونا ليفعلوا ما يريدون، السؤال الذى يحيرنى: هل ما تفعله إثيوبيا بعيدا عن المباركة الأمريكية ودعم الكيان الصهيونى وتجاهل بعض الدول العربية وغير العربية يدعمها؟
اقرأ أيضا: قيادات مبدعة.. أول خطوة لإعادة الروح للتليفزيون!
لهذا لابد من الانتباه وإلا الأمر يمكن أن يزداد صعوبة، مصر ليست جزيرة منعزلة عن العالم، خاصة فى ظل الظروف الحالية التى يعيشها، وكلنا نعلم حكاية سد إثيوبيا المعروف باسم النهضة والتى بدأت فى عام 1994، عندما اطلقت مبادرة حوض النيل، وكان يومها الدكتور يوسف والى قائما بعمل وزارة الرى، كانت المبادرة تؤكد على التعاون بين دول حوض النيل فى اتفاقية وقع عليها الدول الست باستثناء مصر..
وتم تشكيل لجنة قانونية لوضع الاتفاقية وبنودها وذلك بإشراف لجنة من الوزراء، كان من ضمن بنود الاتفاق كل دولة تقدم مشروعين لسكرتارية اللجنة لدارستهما، قدمت اثيوبيا مشروعين أحدهما مشروع السد، فطلبنا بيانات عن هذا المشروع فلم ترد اثيوبيا علينا ولم يرسلوا أى بيانات..
وفى الوقت الذى نسينا المشروع مرت الأيام حتى جاءت 25 يناير 2011، أعلن وقتها رئيس الوزراء زيناوى أن إثيوبيا ستبنى السد بسعة 74 مليار متر مكعب بدلا من 14 مليار متر مكعب كما كان مقررا من قبل، وكان هذا مفاجأة غير سارة، ارتفاع سعة السد من 14 الى 74مليار جعل هناك علامات الاستفهام حول الهدف من السد خاصة أن السد ليس من أجل الزراعة والمياه، ولكنه من أجل الكهرباء..
اقرأ أيضا: الأسرة المصرية.. والزواج «تيك أواي»!
كثرة التكهنات جعل من الصعب الحكم على الأسباب الحقيقية عن هذا التغير المريب، خاصة أن الوضع الجديد للسد يعطى لإثيوبيا إمكانية التحكم فى النيل الأزرق بعدما كان التحكم من السد العالى، بلاشك هذا هدف سياسى يسعى إليه الآخرون .
بالرغم من أن العمل يسير ببطء، والسبب أحيانا المشاكل الفنية وأحيانا التمويلية، ولكن طبيعى هناك مشكلة مائية تهدد الجميع بسبب هذا السد، كل ما يحدث هناك لابد نعرفه أولا بأول وحتى لا نفاجأ بوضع يصعب من الأزمة الحالية، علينا أن نتعلم مما حدث فى 25 يناير 2011 عندما انشغلنا وحدث ما حدث، والآن الموقف أكثر صعوبة ويستلزم الانتباه واتخاذ خطوات استباقية ولا ننتظر الفعل لكى نتحرك ليكون قرارنا مجرد رد فعل!
وفى نفس الوقت هناك عناصر أخرى لابد من الانتباه لها، مستقبل مياه النيل فى جنوب السودان، حيث جونجلى ومشروعات بحر الغزال، فهناك مشروعات مدروسة بالتفاصيل توفر 18 مليار متر مكعب من المياه، ومن هنا أهمية علاقاتنا مع جنوب السودان والعمل على توفير الاستقرار لها، كما لابد من إقناع الشمال بأولويات المياه التى يجب وضعها فى المقام الأول..
اقرأ أيضا: النيل قدسه الفراعنة.. وغنى له"عبد الوهاب".. وأهمله الجميع؟!
لذا يجب الاهتمام بمشروعات تحلية المياه، لتساهم بقدر ولو بسيط، وكذلك مشروع إعادة تدوير مياه الصرف الصحى والزراعى، هذه ليست آراء ولكنها رؤية فنية لعلماء على رأسهم الدكتور محمود ابوزيد وزير الموارد المائية الأسبق، وغيره من المهمومين بمستقبل مياه النيل وحياة المصريين .
قبل أن أختم المقال، أريد الإشارة إلى أن هناك تطورات مهمة وخطيرة، للسيد أردوغان وراشد الغنوشى رئيس مجلس النواب وزعيم الإخوان فى تونس، فقد غافل الغنوشى حكومته واتفق مع أردوغان على اتفاقية يسمح بها للأتراك التملك فى تونس، وهذا اعتبره كارثة..
اقرأ أيضا: السيسي.. وسد النهضة.. والمأزق الأفريقي!
ثار النواب حتى كتابة هذه السطور، ودافع الغنوشى عن نفسه مدعيا أن الاعتراض الهدف منه عرقلة الديمقراطية فى تونس متهربا من الرد على الاتهامات التى وجهت إليه، التى وصلت إلى اتهامه بالخيانة، ولاحظ صديقى القارئ أن هذا يحدث والعالم مشغول أيضا بأزمة كورونا!
الانتباه.. الانتباه.. الانتباه
وتحيا مصر العروبة الرائدة
وتحيا مصر بدماء شهدائها عبر التاريخ
وتحيا مصر بعرق فلاحيها فى الغيطان.. وعرق عمالها على مكن المصانع.