رئيس التحرير
عصام كامل

السيسي.. وسد النهضة.. والمأزق الأفريقي!


إلى أين تسير مفاوضات سد النهضة الإثيوبي؟.. استبشر الكثير منا الخير بعد تولي السيسي مسئولية الدولة، واستبشرنا عندما تم تغيير لغة الخطاب في العلاقات المصرية الأفريقية، ولكن ماذا تحقق ومن المستفيد حول مشكلة سد النهضة حتى الآن؟.. وذلك بعد مضي عام ونصف من تولي الرئيس السيسي زمام الأمور.

الحقيقة أننا لن نستفيد شيئا من الجانب الإثيوبي، العمل في السد على قدم وساق، ويتردد أنه تم 50% من جسم السد، وأيضا الاجتماعات مستمرة والوقت يمر من أيدينا، بل أصبح الاستثمار المصري في إثيوبيا بشكل لم تتوقعه إثيوبيا ذاتها.. باختصار قدمنا كل شيء ولم نحصل حتى الآن على أي شيء.

في لقاء مع السفيرة السابقة السيدة منى عمر، التي كانت المسئولة عن الملف الأفريقي لدى الخارجية المصرية، كما أنها قضت أعواما في العديد من الدول الأفريقية، قالت: للأسف أننا أعطينا ولم نحقق شيئا على الأرض، في أهم مشكلة تهدد حياة ملايين المصريين، لقد ماطلت إثيوبيا وكسبت الوقت، وأيضا استمر بناء السد ولم تقدم شيئا لنا، وبالتالي لا بد من وقفة قوية من الدولة المصرية تجاه ما يحدث من الجانب الإثيوبي، وهذا لن يأتي إلا بحشد العالم معك، وذلك من خلال عرض المشكلة بأنها حياة أم موت للمصريين، وهذا أمر يحتاج جهدا ولكنه ليس صعبا، بالرغم من أن إثيوبيا تعتبر الدولة الأفريقية المفضلة لدى الأمريكان، إلا أن هذا أمر لن يكون عائقا لو أننا طالبنا بوقف البناء حتى يتم الانتهاء من المفاوضات المصرية الإثيوبية!

هذا دفعني للسؤال عن الغياب المصري في أفريقيا؟.. أجابت السفيرة منى عمر: لأننا افتقدنا الرؤية المتكاملة لأهمية أفريقيا لمصر، في الستينيات كان هناك 16 مكتبا إعلاميا في أفريقيا، وفي السبعينيات وصلوا 8 مكاتب فقط، ثم 4 في بداية الثمانينيات حتى أصبح هناك مكتبان فقط الآن!

وهنا سألت المستشارة والإعلامية السيدة أمينة حاتم، التي عايشت أيام ثورة 25 يناير في جنوب أفريقيا ولمدة أربع سنوات كاملة، عن حجم الدور المصري، قالت: لا بد أن نعترف بأن الإعلام المصري غائب تماما عن أفريقيا، نحن نتحدث مع أنفسنا فقط، في الوقت الذي يشاهد الأفارقة الجزيرة، ومن هنا نعرف حجم ما يمكن أن يترسب لدى المواطن الأفريقي العادي، أما الحكومات فهي قصة أخرى..

فمثلا أفريقيا كلها كانت مع معمر القذافي وأيدته وحاولت منع سقوطه، من هذه الدول جنوب أفريقيا، السبب أن ليبيا لها استثمارات بالمليارات في أفريقيا، وهذه الدول مستفيدة من استمرار القذافي، في المقابل في 30 يونيو كانت حكومة جنوب أفريقيا ضد مصر، لسببين الأول أن الإخوان لهم استثمارات كبيرة في جنوب أفريقيا، وهم يريدون المحافظة على الإخوان من أجلها، السبب الثاني أن إعلامنا متخاذل ضعيف لم يصل خارج مصر، فكان القرار الحكومي مؤيدا من الشارع الجنوب أفريقي، الذي يرى الجزيرة تؤكد في كل لحظة، أن هناك انقلابا ضد رئيس شرعي إخواني..

وأضافت أن الكثيرين لا يعلمون أن قناة مكملين الإخوانية، تبث من كيب تاون بجنوب أفريقيا، ونقطة أخرى في منتهى الأهمية، وهي أين دور الثقافة من التقريب بين مصر وأفريقيا؟

الاستعمار يريدك بعيدا عن أفريقيا وهو يعلم أنها العمق الأفريقي لمصر، وأنت تفرح عند تسميتك بالشمال الأفريقي أو بالبحر الأوسطي، هذا جزء من إبعادك المتعمد عنهم، كم مركز ثقافي مصري في أفريقيا؟!

واتفقت كل من السفيرة منى عمر والمستشارة أمينة حاتم، على أن هناك حالة من المنافسة بين مصر وجنوب أفريقيا للوصول لمقعد دائم لأفريقيا في مجلس الأمن، تسبب في التوتر، وشاركتهم نيجيريا في المنافسة، وهذا الأمر معوق للأسف!

علينا أن يكون هناك رؤية متكاملة تجاه أفريقيا، رؤية الدولة المصرية القوية بقيادة السيسي، الرجل المنتمي لتراب مصر والمؤمن بأفريقيته العربية، علينا أن نستعيد ثقتنا بأنفسنا وتاريخنا خير دافع لبناء حاضر ومستقبل أفضل!
الجريدة الرسمية