المصريون وسد النهضة!
لست من هؤلاء الذين يَرَوْن أن الخيارات أمامنا محدودة لحل مشكلة سد النهضة الاثيوبى لنا، فى ظل التزامنا بالحل السلمى والسياسى والمسار التفاوضي، لأن هذا المسار يتضمن أيضا وسائل للدفاع عن حقوقنا القانونية فى مياه نهر النيل..
ولوقاية أنفسنا من رغبة إثيوبية للتحكم فى مياه النيل الأزرق باعتبارها دولة المنبع، دون مراعاة لمصالح دول المصب مصر والسودان. ولا تقتصر هذه الوسائل فقط على حشد ضغوط سياسية إقليمية ودولية على إثيوبيا لتتراجع عن تنفيذ هذه الرغبة فى التحكم فى مياه النيل الأزرق، وإنما تشمل أيضا مقاضاتها أمام منظمات دولية فى مقدمتها محكمة العدل الدولية، مع إصرار وتمسك المفاوض المصرى بكامل حقوقنا فى مياه النيل.
اقرأ أيضا: باقٍ ٦ أيام!
غير إننى مع ذلك أرى أن قوة وتماسك الجبهة الداخلية حول تلك القضية هو أهم شيء يضمن قوة الموقف المصرى فى هذه المعركة، التى اتخذت بعدا جديدا بعد إعتذار إثيوبيا عن جولة المفاوضات الختامية حول السد فى واشنطن، التى كان من المقرر أن تتمخض عن توقيع إتفاق..
اقرأ أيضا: إعلامنا وسد النهضة!
لذلك يتعين أن تحرص الإدارة المصرية على إعلام الرأى العام المصرى بكل شىء يتعلق بهذه القضية وتطوراتها، حتى لا تتركه نهبا للقلق أو التضليل من جانب قوى معينة تراهن على تفكيك التماسك المصرى، الذى استثمره الجانب الإثيوبى بدهاء طوال السنوات الماضية للتهرب من أية التزامات حول السد، تحافظ إلى حقوقنا نحن والسودان فى مياه النيل.
اقرأ أيضا: سؤال لوزير الخارجية عن سد النهضة
لذلك لا يكفى أن نقول للناس فى مصر إننا ملتزمون بالمسار التفاوضي الذى أطلقته واشنطن، بعد أن اعتذرت إثيوبيا عن حضور جولة التوقيع على الاتفاق، وإنما الرأى العام ينتظر أن يقول له مسئول لماذا ذهبنا إذن مع السودان إلى واشنطن؟
وماذا دار فى المباحثات بيننا وبين الجانب الأمريكى الذى يرعى هذه المفاوضات، وماذا طالبنا أمريكا والبنك الدولى، وأيضا ماذا يتضمن مشروع الاتفاق الذى أعدته واشنطن بخصوص السد، وماهى ملاحظاتنا عليه؟
اقرأ أيضا: فى انتظار اتفاق سد النهضة!
والأهم ماذا نحن بفاعلين إذا ظل الجانب الإثيوبى يراوغ ليستهلك الوقت حتى أغسطس المقبل، وهو موعد إجراء الانتخابات البرلمانية، كما ألمح إلى ذلك، بينما سوف تبدأ إثيوبيا فى ملء السد فى الشهر الذى يسبقه، أى فى شهر يوليو مع بداية الفيضان القادم، خاصة وأن الفترة المقبلة قصيرة ولا تتجاوز أربعة أشهر فقط؟
قوة موقفنا تبدأ تجاه قضية السد الإثيوبى وأى قضية خارجية تبدأ من الداخل.. وقوة الداخل تبدأ بأن نبدد قلق الناس وتمنحهم الطمأنينة والثقة، وذلك له طريق واحد لتحقيقه هو إعلامهم بالحقيقة تفصيلا.