إعلامنا وسد النهضة !
لو بحثنا عن نموذج يجسم أزمة إعلامنا المهنية لكان طريقة تناوله أو بالأصح تجاهله لمباحثات واشنطن بين مصر وإثيوبيا والسودان حوله، بمشاركة أمريكية وللبنك الدولى، رغم أن ذلك أمر مهم للراى العام المصرى.
لقد مضت مفاوضات واشنطن التى وصفت من قبل بأنها حاسمة وسط تجاهل غير مبرر من إعلامنا .. أخبار شحيحة جدا لا تحمل أية معلومات حول هذه المفاوضات وما يدور فيها والوقت الذى سوف تستغرقه بعد انتهاء اليومين المقررين لها ، والنتائج التى تمخضت عنها حتى الان، أو التى تعذر التوصل إليها
اقرأ أيضا: النقابة وازمة الصحافة !
وقد يقول قائل: إن هكذا هى المفاوضات الحاسمة تحتاج إلى تكتم وتوقف أطرافها عن الخوض فيما يدور فيها حتى تنتهى لتوفير المناخ الملائم لأطراف التفاوض .. لكن ذلك من مهام المشاركين فى التفاوض، وليس من مهام الإعلام ، الذى عليه واجبات مختلفة ومتناقضة تماما، وهو البحث والاجتهاد لسبر غور ما يحدث وراء الأبواب المغلقة، والكشف عما يدور على موائد التفاوض، وتقديم المعلومات الصحيحة والسليمة للناس، وهذا ما لم يفعله إعلامنا .. لم يجتهد أو يقم بدوره المطلوب بمتابعة هذه المباحثات، ولم يحاول القيام بأى جهد لطمأنة الرأى العام المصرى عما يدور فى هذه المفاوضات، وأسباب امتدادها وتوقعات نتائجها ، خاصة وأنها تاتى بعد مسار تفاوضى مضينا فيه امتد لأكثر من خمسة سنوات حتى الآن، استغلتها إثيوبيا فى المضى قدما فى إنجاز مشروعها واستكمال بناء سدها.
اقرأ أيضا: لماذا وقف القتال فى ليبيا؟!
وإذا أضفنا ان المصريين يترقبون هذه المباحثات، وينتظرون ببعض القلق ما يتمخض عنها، لتبين لنا حجم التقصير الفادح لإعلامنا فى هدا الصدد، فهو لم يفعل ما يتعين عليه فعله لطمأنة المصريين بتقديم المعلومات الحقيقية لهم حول هذا الموضوع .. وليس مقبولا أن يبررأحد ذلك بأننا نثق فى مفاوضينا فى هذه المفاوضات وما سبقها .. فالثقة فى الجراح قبل إجراء الجراحة لا تكفى لطمأنة المريض، وإنما يطمأنه إتمام الجراحة بنجاح وتماثل مريضه للشفاء.
بقى القول إن إعلامنا لو اعتصم بالمهنية لاهتم كثيرا بمفاوضات سد النهضة بواشنطن.