2020 .. التحديات الأهم لمصر
لا يخلو عام من تحديات تواجهها الشعوب والدول، هذه طبيعة عالمنا الذي يبحث عن السلم والأمن ولا يظفر بهما، ويتطلع إلى الاستقرار والحياة الخالية من العنف ولا ينالها، لكن نوع وطبيعة وحدة هذه التحديات تختلف من عام إلى آخر بالطبع، مثلما تختلف من دولة إلى أخرى..
وبالنسبة لنا في مصر نحن عشنا عقدا حافلا بالتحديات العديدة والمتنوعة والخطيرة أيضا، ونبدأ عقدا جديدا مع بداية عام ٢٠٢٠ بحزمة كبيرة أيضا من التحديات.. وأهم هذه التحديات ثلاثة تتسم بأنها متشابكة ومتقاطعة مع غيرها من التحديات وهى: تحديات اقتصادية وتنموية.. وتحديات سياسية وإعلامية.. وتحديات إستراتيجية وأمنية.
أما بالنسبة للتحديات الاقتصادية فقد صنعتها عوامل داخلية واُخرى خارجية.. فالاقتصاد العالمى يواجه صعوبات جمة سوف يكون لها تداعياتها على اقتصادنا بالطبع.. حيث اعتمدت أمريكا العقوبات الاقتصادية سلاحا أساسيا تستخدمه في مواجهة منافسيها اقتصاديا وإستراتيجيا، وهو ما هدد باندلاع حرب تجارية عالمية ليس معروفا بالقطع هل يكفى الاتفاق التجارى الذي أعلنت واشنطن عقده في الشهور الأولى لهذا العام مع بكين لاحتواء نذر هذه الحرب أم لا..
اقرأ أيضا: اللعبة تغيرت
كما أن التهاب التوتر في منطقتنا من شأنه أن يؤثر على تدفق الاستثمارات والسياحة الأجنبية على منطقتنا وبلادها ونحن منها.. فضلا عن أنه أسفر عن اتجاه أسعار النفط للارتفاع، وتأثير ذلك علينا لن يقتصر فقط على ارتفاع أسعار البنزين والسولار فقط، وإنما على زيادة تكلفة الطاقة وبالتالى زيادة تكلفة الاستثمارات، وكل ذلك من شأنه أن يؤثر على جهودنا للمحافظة على معدل نمو مرتفع ننشد أن يصل إلى ٦ في المائة هذا العام..
ولتحقيق ذلك فإننا نحتاج لزيادة استثماراتنا أكثر من العام المقبل، خاصة في القطاعين الصناعى والزراعى، في وقت اتجهت الاستثمارات الخاصة غير البترولية، سواء المحلية أو الأجنبية لبعض الانخفاض العام المنصرم. وهذا هو التحدى الأكبر والأهم اقتصاديا الذي يواجهنا في عامنا الجديد.. فهذا هو الذي سيضمن تحسن الجنيه المصرى والسيطرة على معدل التضخم، وتوفير المزيد من فرص العمل، وتحسن مستوى معيشة عموم المواطنين..
واقرأ أيضا: بداية ساخنة للعام الجديد
وهذا يقتضى اجتذاب صغار ومتوسطى المستثمرين أساسا، بعد التغلب على المشكلات التي تواجههم وأبرزها مشكلات التراخيص وتوفير الأراضي للمشروعات خاصة الصناعية وتوفير التمويل المصرفى، كما يقتضى أيضا أن تظل الدولة تلعب دورها الاستثمارى، مع توسيع المشاركة بينها وبين أصحاب الاستثمارات الخاصة، وبذلك يمكننا أن نواجه هذا التحدى الاقتصادى..
أما التحدى الأهم الثانى الذي يواجهنا فهو تحد سياسي وإعلامي.. فبعد أن قطعنا شوطا كبيرا في مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن في ربوع البلاد، خضنا فيها مواجهة ضارية مع تنظيمات الإرهاب، فقد صار ضروريا أن نخطو خطوات للأمام في عملية الإصلاح السياسي وما يقترن به من إصلاح إعلامي، خاصة وأننا مقبلون على استحقاقات انتخابية ثلاثة هي انتخابات المحليات التي أجلناها طويلا، وانتخابات مجلس النواب التي تحل هذا العام، وانتخابات مجلس الشيوخ الذي استحدثته التعديلات الدستورية..
واقرأ أيضا: الأسوأ عام ٢٠١٩ وعام ٢٠٢٠
فإذا كنّا نبغى الحفاظ على تماسكنا الوطنى في مواجهة مؤامرات تستهدف تقويض كيان دولتنا الوطنية، فإن ذلك يتحقق بتحديد واضح للعدو، وهم الإخوان وحلفاؤهم وداعميهم في الخارج والداخل، وتقوية مناعتنا السياسية بوجود تنوع وحوار سياسي يسمح بوجود معارضة وطنية نشطة، وهو ما يقتضى أن يكون لدينا إعلام قوي..
يقدم بمهنية للرأى العام ما يحتاجه من معلومات خاصة حول الأمور والمسائل المهمة والتي تشغل باله، يقدم له الأفكار والرؤى والآراء المختلفة والمتنوعة والمتعددة، وقادر على كشف الأخطاء والسلبيات، للمساعدة في مساءلة السلطة التنفيذية، وهو ما يحتاج لمساحة مناسبة من حرية الرأى والتعبير، وتمكين المهنيين الأكفاء من قيادة وسائل الإعلام المختلفة والهيئات المشرفة عليها، وقبل ذلك وضع إستراتيجية إعلامية واضحة المعالم، تترجم لخطط محددة لحل أزمات اعلامنا ثلاثية الأبعاد، المهنية والمالية والإدارية.
واقرأ أيضا: 2020 الذى نتمناه
يبقى بعد ذلك التحدى الأهم الثالث الذي يواجهنا في عامنا الجديد، ويتمثل في حماية أمننا القومى في ظل حالة التوتر وعدم الاستقرار التي يعانى منها عالمنا وتحظى بالنسبة الأكبر منها منطقتنا، التي صارت ساحة للصراعات الدولية وتحقيق أطماع إقليمية.. وإذا كان هذا التحدى ممتد من العام الراحل، بل والأعوام التي سبقته في العقد الذي انتهى، فإنه يكتسب بعدا خاصا في عامنا الجديد..
بعد أن بدأ أردوغان في تركيا القيام بأعمال تمس بشكل مباشر أمننا القومى.. نعم هذا الرجل لم يكف طوال السنوات التسع السابقة عن القيام بأعمال عدائية تستهدفنا، مثل استخدام الأراضي التركية كقاعدة للإخوان لممارسة مخططاتهم التي تستهدف استعادة الحكم الذي فقدوه في يوليو ٢٠١٣، وتقديم الدعم لهم سياسيا ولوجستيا وماليا ومخابراتيا، ولكنه استهل العام الجديد بقرار إرسال قوات تركية إلى الأراضي الليبية ليس فقط لدعم السراج وميليشياته الإرهابية، ودعم محاولاته لسرقة ثروات الغاز في شرق المتوسط، وإنما لتنظيم تصدير الإرهاب إلى مصر، ودعم مؤامرات تقويض كيان دولتها الوطنية، وإعادة الإخوان إلى حكم بلادنا، في إطار تحقيق حلمه وحلمهم باحياء دولة الخلافة..
واقرأ أيضا : أمريكا والتدخل التركي في ليبيا!
وهنا يتعين علينا أن نجمع في مواجهتنا لهذا الخطر الذي يقترب ما بين الحزم والحكمة أيضا حتى نرهب الخصوم ولا نقع في شراك قد ينصبونها لنا، وغنى عن القول أيضا أن انشغالنا بمواجهة هذا الخطر التركى الذي يقترب منا يجب ألا ينسينا إخطارا أخرى مثل خطر التمدد الإيرانى في منطقتنا، وخطر المناورات الإسرائيلية حولنا والطموحات الإثيوبية المنفردة في مياه النيل.