رئيس التحرير
عصام كامل

ليلة وداع السيد

ما زلتُ أتذكر هذا اليوم جيدًا، واحد من أيام شهر يوليو من العام 2006 بعد اندلاع عملية الوعد الصادق التي دخل بموجبها عناصر من حزب الله إلى الأراضي المحتلة، ونصبوا كمينًا لسيارتين تابعتين لجيش الاحتلال، قتلوا عددًا وأسروا جنديين وعادوا.

اندلعت الحرب ورأينا بأم أعيننا مشاهد انتصار عظيمة ورأينا محاولات فاشلة لاستعادة الأسرى، كانت الفضائيات العربية والغربية تتابع المعركة لحظة بلحظة، وكان الفخر يملأ صدورًا عربية تتوق للحظة انتصار طالما قاومتها عواصم رسمية.

أتذكر هذا اليوم جيدًا عندما أجبت على الهاتف، وكان الفنان الكبير والرسام الموهوب سيد عبد الفتاح عليه رحمة الله يستأذن في الزيارة، وتواعدنا في اليوم التالي وفوجئت به يرفع ستارًا ورقيًا عن واحد من أروع وأجمل البورتريهات التي شاهدتها في حياتي.. كان حسن نصر الله بريشة سيد عبد الفتاح.

أدهشتني خطوط الفنان الكبير وروحه التي صبغت ألوان اللوحة البديعة، تصورت أنه جاء ليطلب نشرها في الأحرار، حيث كنت مديرًا لتحريرها في ذلك الوقت، طلب صديقنا الرائع مساعدته في طباعة كمية كبيرة منها بألوان زاهية تعبر عن هذا النصر العظيم وتلك الإرادة الحديدية لأبطال لبنان.

طبعنا 20 ألف بوستر قابل للصق، انتشرت لوحة السيد في قرى مصر ومدنها ونجوعها، والمثير أن الأعداد التي انتشرت في ذلك الوقت زادت عما طبعناها، وعلمنا بعد ذلك أن زملاء وأصدقاء طبعوها ووزعوها في الشوارع والحواري والأزقة.

كان السيد في ذلك الوقت رمزًا عفيًّا، قويًّا، عزيزًا، وكان يمثل قيمة مهمة في محيط استسلم وسلم، وكان الرجل غفر الله له أبيًّا في خطابه السياسي وصاحب طلة شامخة على شباب من الأجيال الجديدة التي أريد لها أن تعيش في كوكب المستسلمين إلى حد الخضوع.

كانت أيامًا مجيدة وكنا نتابع خطابات السيد بلهفة وهو يهدد ويتوعد ويعلن على الملأ عن ضربات تنقلها الشاشات لحظة بلحظة، ورغم كل الخسائر المادية والمعنوية فإن مبادأة العدو بضربة موجعة وتوالي ضربات المقاومة اللبنانية كانت كلها لحظات تاريخية لا تُنسى.

تذكرت تلك الأيام وأنا أتابع بعد ثمانية عشر عامًا والسيد محمولًا على الأعناق، شهيدًا كما تمنى، تحمله أيادي المقاومين ومن كتبوا على محمله «إنا على العهد»، وداع مهيب شاركت فيه الملايين، وداع يليق بزعيم شعبي كبير فهو لم يكن رئيس دولة ولم يكن مسئولًا دوليًّا كبيرًا، ولم يكن واحدًا من المرضى عنهم في الدوائر الرسمية العربية، كان رمزًا للمقاومة وها هي ذي المقاومة تعلن عن نفسها وعن قدراتها وعن حاضنتها الشعبية.

كان المشهد موحيًا وأبعد من حدود الوداع الأخير، كان حفل استقبال ضخم بمشاركة جماهيرية يصعب على أي سلطة سياسية أن تضبط إيقاعها أو تحول بينها وبين المشاركة، وقد أضفى على الحدث جلالًا محاولة صهيونية صبيانية عندما حلقت طائرات العدو فوق الجنازة.

لن أنخرط في الدلالات السياسية لوداع بهذا الحجم، ولن أنهك نفسي في قراءات مستقبلية لأوضاع لبنان ومكان المقاومة على خارطته، ولن أغرق في تفاصيل ما سوف يجري غدًا، أنا أتابع تلك اللحظة التاريخية التي تحيط برجل فارقنا بعد سنوات من النضال ضد العدو.

أغوص في تلك المشاهد الإنسانية لوداع ترسم ملامحه ملايين من البشر، ملايين على العهد، ملايين يعلنون أنهم أبناء هذه الأمة التي أراد لها الغرب أن تموت مستسلمة، خاضعة، خانعة، أمة لا يزال فيها أبناء السيد يسيرون على الدرب، درب المقاومة والنضال حتى تحرير الأرض.


ملايين يمرون على الشاشات ولا يزال السيد يردد: تستطيعون قتلنا ونحن تواقون إلى الموت في سبيل الله.. ملايين لا تقبل الحياة تحت راية الاحتلال أو الاستسلام، ملايين جاءت في اللحظة التي تصور البعض فيها أن المقاومة هزمت، ملايين تعلن التحدي.. ملايين على العهد.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية