رئيس التحرير
عصام كامل

في رحاب الحبيب.. الرسول الإنسان

هو خيرُ خَلْقِ الله.. هو سيَّدُ المرسلين.. أنزلهُ اللهُ، تعالى، بالرسالة الخاتمة.. الدينِ الحنيفِ.. "ومنْ يبتغِ غير الإسلام دينًا فلنْ يُقْبَلَ مِنْهُ".. سيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، إنسان.. بشر.. لكنه أنفَسُ البشر، أو من أنفسِ البشر.. بل هو الإنسان الكامل.. كامل الأوصاف.. المنزه عن الهوى.. البعيد عن الغرض.


كان أوفى الأبناء لوالديه، وذكراهما.. وكان أصلح الآباء، ثم فجع في بيته فجيعة لا يداري فيها ألم الإنسان إلا صبر النبي.. هو أب نعلم كيف كان يفرح بأبنائه.. ونعمل كيف كان يحزن حين يفجع في أولئك الأبناء.


ولم يتمثل العطف الأبوي قط في مولد أحد من أبنائه، صلى الله عليه وآله وسلم، كما تمثل في مولد إبنه الذي سماه باسم جده الأكبر إبراهيم.. ولعل العطف الأبوي قد تمثل في تشييع هذا الطفل الصغير أشد من تمثله في استقباله يوم ميلاده.


كان قد مضى نيف وعشرون سنة لم تلد له في خلالها زوجة من زوجاته، ومات في تلك الفترة كل أولاده، باستثناء السيدة فاطمة، عليها سلام الله، والتي توفيت بعده بقليل؛ توفي القاسم، والطاهر، طفلين.. وتوفيت زينب، ورقية، وأم كلثوم، بعد أن تزوجن، ولم يتعوض من فقدهن ما يعزيه بعض العزاء.


حتى جاءته مارية من قطر بعيد، ومن معدن غير المعدن الذي يُختار لإيواء المحزونات، وتقريب الأسر والعصبيات، كما يرى الأديب الكبير عباس محمود العقاد، فبشرت سيدنا محمدا، صلى الله عليه وآله وسلم، بعقب لعله غلام، واجتمع في هذه البشارة اشتياق نيف وعشرين سنة، ورجاء لا ينتهي بانتهاء الزمان.


ووُلِد إبراهيم! ذلك الطفل الذي نظر إليه أبوه يوم مولده، وتخير له الإسم الذي وراءه أعقاب كأعقاب جده الأعلى! فرح قلبه الزكي بالوليد.. حلق الأب المتهلل شعر وليده، وتصدق بزينته فضةً على المساكين، وذلك هو التوسع الذي وسعه رجلٌ هو أقدر الرجال على البسيطة، غير مستثمى فيها رؤساء، ولا زعماء، ولا ملوك.


جاء بأقصى ما عنده من الفرح، وأقصى ما عنده من التوسعة، ولو شاء كان يمكنه أن يزن الوليد كله درًّا وجوهرا، في ذلك اليوم الميمون.. وبمقدار هذا الفرح الطهور كان الحزن الوجيع يوم الوداع.
ثم مات ذلك الطفل الصغير! مات والأب في الستين.. أي صدمة في ذاك السن؟! مات الطفل ولمَّا يدرك السنتين؟


مصاب ربما يبدو صغيرا إذا قسناه بسنوات المفقودين.. ولكنه مصاب في عزيز جدا.. وحبيب إلى القلب.. أكبر قلب عرفته الدنيا.. وكأنَّ الله، سبحانه وتعالى، يقول لنبيه الكريم، صلى الله عليه وآله وسلم: "لن يكون لك حبيب غيري.. لن يكون لك خليل غيري".


خرج الرجل، الإنسان، الذي اضطلع بأعباء الدنيا وما فيها، ومن فيها، وهو لا يضطلع بحمل قدميه؛ خرج يتوكأ على صديق عطوف إلى حيث يحمل الوليد آخر مرة في حجره الأبوي قبل أن يودعه حجر التراب.. وكان يستقبل الجبل بوجهه، فقال: يا جبل! لو كان بك مثل ما بي لهدك، ولكن إنا لله وإنا إليه راجعون.


وقف سيدنا محمدٌ، صلى الله عليه وآله وسلم، الإنسان، والأب المكلوم، أمام قبر الوليد الصغير، ذارف العينين، مكظوم الوجد، ضارعا إلى الله.


وقف الإنسان الذي بعث الأمل في قلوب الملايين، أجيالا تلي أجيالا.. وهو في ذلك الموقف أحوج ما يكون إلى المواساة والمؤازرة.. وهو في الحقيقة في قمة الرضا، وذروة الحمد، للخالق الذي استرد وديعته مبكرا.. بل ومبكرا جدا.


صرخ أسامة بن زيد حين بكى سول الله، صلى الله عليه وسلم، فنهاه، صوات الله وتسليماته عليه، وقال: "البكاء من الرحمة، والصراخ من الشيطان".. ورد على من قالوا إن الشمس انكسفت لوفاة إبراهيم: كلا، إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تخسفان لموت أحد ولا لحياته.

 


وعن شعوره في تلك اللحظات التاريخية، قال صلى الله عليه وسلم: هذه رحمةٌ وضعها الله في قلوب مَنْ شاء مِنْ عباده. ولا يرحم الله من عباده إلا الرحماء.. إنه رسول الله في أصدق ما تكونُ عليه رسالة الرسل؛ في الرحمة، وفي الآصرة الإنسانية.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية