حدث في 23 رمضان 1420هـ، وفاة أبوالحسن الندوي «نصف قرن في خدمة الدعوة الإسلامية»

مضت سنوات طويلة على وفاته، ومع ذلك فما زالت كلمات الداعية الشيخ أبي الحسن الندوي الرائعة، ونصائحه السديدة تتردد في الأسماع، وكأنه يستشرف المستقبل، حيث يقول: "ما أحوج المسلمينَ اليومَ إلى أن يُحصِّلوا كلَّ أسبابِ القوة؛ فهم يُواجهون نظامًا عالميًّا وقوًى دوليةً لا تَعرف إلا لغةَ القوَّة.. فعليهم أن يَقرعوا الحديدَ بالحديد، ويُقابلوا الريحَ بالإعصار، ويُقابلوا الكفرَ وأهلَه بما يَقدرون عليه، وبكلِّ ما امتدَّتْ إليه أيديهم، وبكلِّ ما اكتشف الإنسانُ، ووصل إليه العلمُ في هذا العصر: من سلاحٍ وعتادٍ واستعدادٍ حربي".
هو أبو الحسن علي بن عبد الحي بن فخر الدين الحسني الندوي، داعية إسلامي ومفكر وأديب كبير، ينتهي نسبه من والده ووالدته إلى الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه.
مولده ونشأته
كان مولد الندوي بتاريخ 6 محرم عام 1333هـ، الموافق لعام 1914م، في قرية تُدعى (تكية كلان) بمديرية (راي بريلي) بالهند وتوفي في مثل هذا اليوم، 23 رمضان من عام
1420هـ، الموافق ديسمبر 1999م.
ولد الشيخ الجليل في أسرة عربية ذات ورع ودين، وتتمسك بالعادات والتقاليد الإسلامية، وكانت شهرتها "الأسرة الحسنية"، وتولى أبوه، الذي كان من كبار العلماء المسلمين في الهند، تنشئته، والإشراف على تعليمه.
يرجع لقب "الندوي" إلى دار العلوم التابعة لندوة العلماء التي مقرها الهند، كالقول للدارس بالأزهر الشريف عندما يلقب بالأزهري.
حفظ القرآن وتعلم العربية
حفظ القرآن الكريم في سن صغيرة، وتعلم اللغة الفارسية.
وتعلم مبادئ الصرف والنحو على يد الشيخ خليل بن محمد بن حسين الأنصاري اليماني، وتمكن من إتقان اللغة العربية إتقانًا كاملًا، ولم يكن عمره يتجاوز 12 عامًا.
وفي عام 1927م، التحق أبو الحسن للدراسة في جامعة لنكاوي في قسم الأدب العربي، وأصبح أصغر الطلاب في تلك الجامعة، وبعد أن أتمها التحق بدار العلوم لندوة العلماء، حيث درس فيها علوم الحديث على يد الشيخ العلامة حيدر حسن خان.
عُيّن الشيخ أبو الحسن مدرسًا في دارة العلوم لندوة العلماء عام 1934م لما كان يتمتع به من كفاءة علمية، فضلًا عن الملكة الأدبية التي يمتلكها، وكان حينها قد بلغ من العمر عشرين عامًا، واستمر في العمل بها عشر سنوات، وكان يدرس التفسير والحديث وعلوم اللغة العربية وآدابها، وترك العمل عام 1944م.
من كبار الدعاة
ويعتبر الشيخ الندوي من كبار الدعاة والمفكرين الإسلاميين؛ حيث عمد إلى وضع منهج قويم لخدمة الدعوة والإصلاح؛ لذلك قرر الشيخ الجليل أن يضع أسلوبين مميزين.. يتمّ الأسلوب الأول من خلال التركيز على إلقاء الخطب والمحاضرات العامة والخاصة في مختلف الأوساط.
كما كان يختار الحديث والجلوس مباشرة مع الناس والتودد إليهم ومعايشة أسلوب حياتهم في السراء والضراء، أمّا الأسلوب الثاني فاختار الشيخ أبو الحسن أسلوبا آخر تضمّن الكتابة والتأليف وتحرير الكتب والرسائل، والتي تقوم جميعها على فكرة الدعوة إلى إسلام بمفهوم جديد ومغاير.
وقام بمخاطبة عقول الناس من الرجال والنساء، وكذلك الأطفال الذين ركز عليهم بشكل خاص، وأكد على أهمية تنشئتهم نشأة إسلامية صحيحة.
وتميز أسلوبه بذكر البراهين من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، معتمدًا على سيرة رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، والصحابة الأطهار.
ويعدّ منهجه مدرسة متميزة وقائمة بذاتها، بعيدة عن التحزب والتعصب الديني.
نصف قرن في الدعوة والإصلاح.
واستمر الندوي نحو نصف قرن في ميادين الدعوة والإصلاح والفكر، لا سيما ميدان الأدب الإسلامي؛ حيث ركز الشيخ على الجانب العملي، وتمثّل في الجهود التي بذلها في سبيل إظهار قضية الأدب الإسلامي ونشرها بين الناس والسعي إلى الارتقاء بها إلى مصاف العالمية.
شملت هذه الجهود المؤتمرات الدولية التي كان يعقدها والمقابلات مع الصحف والتي كانت محورها الأدب الإسلامي، وأيضا اهتم بإخراج الأعمال الإبداعية في مجال الأدب الإسلامي، وبذل جهودا ضخمة لتأسيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية التي تولى رئاستها 23 عامًا.
وكان الشيخ أبو الحسن أوَّل من دعا لعقد مؤتمر للأدب الإسلامي عام 1988م في ندوة العلماء بمدينة لكهنؤ في الهند.
وقد صدرت توصية بعد انتهاء المؤتمر بضرورة أن تقوم الجامعات العربية والإسلامية بتدريس الأدب الإسلامي، ومن الجهود المميزة للشيخ دعمه المتواصل لرابطة الأدب الإسلامية العالمية، وساعد أعضاءها من الأدباء والكتاب والمهتمين بالأدب الإسلامي نشر أعمالهم ونتاجاتهم الأدبية؛ حيث كانوا يواجهون التحديات.
رحلات دعوية
ومن أبرز ما قام به الشيخ الندوي في حياته، هي الرحلات التي تهدف إلى الدعوة والإصلاح، ومن أهمها: رحلة عام 1939م وهي رحلة استطلاعية لبعض المدن البعيدة، كان يهدف فيها إلى التعرف على بعض أماكن ومؤسسات الدعوة، ولقاء بعض الشخصيات المهمة التي تأثر بها مثل: الشيخ عبد القادر الرائي، والشيخ محمد إلياس.
رحلة عام 1950م، وهي الرحلة التي خرج فيها الشيخ لكل من الحجاز ومصر والسودان وبلاد الشام (الأردن وسوريا وفلسطين)، حيث سجّل انطباعته عن تلك البلدان في كتابه (مذكرات سائح في الشرق العربي)، وألقى فيها العديد من المحاضرات والخطب، وجميعها كانت بهدف الدعوة والإصلاح.
إنجازه في مصر
من أهم الفترات في حياته، تلك التي أقام خلالها في مصر، ورغم أنها لم تتجاوز مدة 6 أشهر، إلا أنه كتب أثناءها أشهر مؤلفاته: "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟"، والتقى بالعديد من كبار المشايخ والأئمة في مصر، ومنهم: الشيخ محمد الغزالي، والدكتور يوسف القرضاوي، وألقى العديد من المحاضرات والخطب في دور العبادة والجمعيات والمؤسسات المصرية.
مناصب وجوائز
تولّى العديد من المناصب خلال حياته، من أهمها ما يأتي: أستاذ مدرس في دار العلوم لندو العلماء عام 1934م.. وترأس مركز للتعليمات الإسلامية عام 1943م.. عضو المجلس الانتظامي لندوة العلماء عام 1948م.. ترأس حركة رسالة الإنسانية عام 1951م.. أسّس المجتمع الإسلامي العلمي في مدينة لكهنؤ عام 1959م.
وحصل الشيخ الندوي على العديد من الجوائز والتكريمات، مثل: جائزة الملك فيصل العالمية في خدمة الإسلام عام 1980.. شهادة دكتوراه فخرية في الآداب من جامعة كشمير عام 1981م.. جائزة الشخصية الإسلامية من حكومة دبي عام 1998م.. جائزة السلطان حسن البلقية سلطان بروناي للدراسات الإسلامية عام 1998م.. جائزة الإمام ولي الله الدهلوي من معهد الدراسات الموضوعية في الهند عام 1999م.. وسام الأيسسكو من الدرجة الأولى من المنظمة العربية الإسلامية.
وفاته
توفي أبو الحسن الندوي في 23 رمضان عام 1420هـ، الموافق لعام 1999م، في أواخر شهر رمضان المبارك، حيث توضأ وتلا سورة الكهف، ثم وافته المنية فانتقل إلى جوار ربه في هذا اليوم.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا