رئيس التحرير
عصام كامل

لقاء إمرالي.. خطوة نحو الحل أم مناورة سياسية؟

في مشهد يكتنفه الترقب وتتشابك فيه الحسابات السياسية بالآمال الشعبية، سمحت السلطات التركية، للمرة الأولى منذ سنوات، لوفد من حزب المساواة وديمقراطية الشعوب بلقاء القائد عبد الله أوجلان في سجنه بجزيرة إمرالي.. هذا السجن الذي تحول إلى رمز للعزلة المطلقة منذ ربع قرن، حيث يحتجز فيه أوجلان في ظروف قاسية، منها أربع سنوات من القطيعة التامة عن أسرته ومحاميه.

 

اللقاء، الذي جرى في ظل أجواء إقليمية متوترة وداخلية متأزمة، لا يمكن فصله عن تعقيدات القضية الكردية التي تعد واحدة من أكثر القضايا السياسية والاجتماعية استعصاءً في تاريخ تركيا الحديث. 

ففي الوقت الذي تتصاعد فيه الدعوات لحل سياسي شامل يعيد صياغة العلاقة بين الدولة التركية وأكرادها، يبرز عبد الله أوجلان كشخصية محورية قادرة على إعادة توجيه البوصلة، سواء في الداخل التركي أو على مستوى الإقليم ككل.

 

هذا الحدث يثير تساؤلات حول أبعاده السياسية: هل يمثل انعطافة جديدة نحو حل مستدام وشامل للقضية الكردية؟ أم أنه مجرد خطوة تكتيكية تهدف إلى امتصاص الضغوط الداخلية والخارجية التي تواجهها الحكومة التركية؟ 

 

في بيان أعقب اللقاء، أرسل عبد الله أوجلان إشارات واضحة، تحمل مزيجًا من التحذير والأمل، معبرًا عن رؤيته لحل القضية، ومدى استعداده للمساهمة في وضع حد لهذا النزاع المزمن.


صدر عن عضوي وفد حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، اللذين التقيا القائد عبد الله أوجلان في معتقل إمرالي، بيان تناول ما دار خلال اللقاء من محاور رئيسية، وجاء فيه النقاط التالية:
- أوجلان يتمتع بصحة جيدة ومعنويات عالية.
- قدم أوجلان تقييمات لحل دائم للقضية الكردية، مؤكدًا على أهمية تعزيز الأخوة التركية الكردية كمصير مشترك للشعوب.


- دعا إلى دور بناء من جميع الأطراف السياسية، خاصة مجلس الأمة التركي الكبير، لتحقيق تقدم في العملية.
- أشار إلى خطورة التدخلات الخارجية التي جعلت القضية الكردية "غرغرينا"، مشددًا على ضرورة تسريع الحل.
- أعرب عن استعداده للمساهمة في نموذج جديد يعزز السلام والديمقراطية، داعيًا إلى اتخاذ خطوات إيجابية.

- وصف المرحلة بأنها عصر السلام والديمقراطية والأخوة، ليس فقط لتركيا، ولكن للمنطقة ككل.


وفي ضوء تحليل محاوره الرئيسية واستشراف التداعيات والاحتمالات المستقبلية التي قد تترتب على هذا التطور السياسي، يمكن القول إن البيان يعكس رغبة عبد الله أوجلان في أن يكون طرفًا فاعلًا في صياغة حل مستدام للقضية الكردية، مع إدراكه للتحديات الإقليمية والدولية التي تحيط بالمشهد. 


أهم ما يلفت النظر هو دعوته لتعزيز الأخوة بين الأتراك والأكراد، وهو ما يحمل رسالة تصالحية موجهة للداخل التركي. كما أنه يؤكد على أن تأخير الحل يزيد من تعقيد الأزمة، وهو تنبيه ضمني للمسؤولين الأتراك بأن المماطلة لم تعد خيارًا.

 

إشارته إلى النموذج الجديد الذي يعززه أردوغان وبهجلي قد تكون محاولة للتفاعل مع التحولات السياسية الجارية، دون تقديم تنازلات تمس جوهر القضية الكردية. لكن هذا يفتح الباب للتساؤل: هل تمثل هذه المبادرة محاولة جدية للحل، أم أنها مناورة سياسية أخرى تستهدف تهدئة الأجواء دون معالجة جوهرية للأزمة؟


فرصة تاريخية بين السلام والمناورة السياسية

يبقى السؤال الجوهري: هل يمثل هذا اللقاء نقطة انطلاق فعلية نحو حل مستدام وشامل للقضية الكردية، أم أنه مجرد خطوة تكتيكية ضمن لعبة سياسية معقدة تهدف إلى كسب الوقت أو تهدئة الضغوط الداخلية والخارجية؟ استعداد عبد الله أوجلان لتقديم مبادرات بناءة يعكس رغبة صادقة في تحويل مسار الصراع إلى فرصة للسلام، لكنه وحده لا يكفي لتحقيق هذا الهدف.

 

نجاح هذا التحول يتطلب إرادة سياسية حقيقية من جميع الأطراف، بدءًا من الدولة التركية التي عليها أن تتجاوز حساباتها السياسية الآنية وأن تعترف بالقضية الكردية كأزمة بنيوية تحتاج إلى معالجة شاملة على أسس الديمقراطية والعدالة والمساواة. كما أن المعارضة التركية مطالبة بدورها بتقديم مساهمات جدية بعيدًا عن الشعارات التقليدية، خاصة أن أي تعنت أو تردد في الاستجابة لهذه الدعوة قد يفاقم الأزمة ويغلق أبواب الحلول.

 

 

في هذا السياق، يمكن القول إن هذا اللقاء يمثل اختبارًا سياسيًّا حاسمًا للطرفين: الدولة التركية وعبد الله أوجلان، وكلاهما أمام فرصة تاريخية لإعادة رسم مسار العلاقة بين الأتراك والأكراد، بما يخدم استقرار تركيا ومستقبل المنطقة. 

الأيام والأسابيع المقبلة ستكشف مدى قدرة الأطراف المعنية على استغلال هذه الفرصة لبناء جسور الثقة وفتح صفحة جديدة، أم أن هذه المبادرة ستظل حبيسة الحسابات الضيقة والرهانات المؤقتة، ما يطيل أمد معاناة شعب يبحث عن العدالة والسلام منذ عقود

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية