رئيس التحرير
عصام كامل

الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة "قاضي الشريعة" الإمام الشافعي (5 – 5)

مشهد الوداع في حياة
مشهد الوداع في حياة "قاضي الشريعة" الإمام الشافعي، فيتو

 في هذه السلسلة، نتناول استعراضًا لليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.

 

حزنت مصر قاطبة لرحيل قاضي الشريعة الإمام الشافعي..

وكان الإمام الشافعى إذا مرض يرسل إلى السيدة نفيسة، رضي الله عنها، ليسألها الدعاء فلا يرجع الرسول إلا وقد شفى الشافعي من مرضه.

فلما مرض مرضه الذى مات فيه أرسل للسيدة نفيسة يسألها الدعاء كعادته، فقالت: "متعه الله بالنظر إلى وجهه الكريم"، فعلم الشافعى بدنو أجله.

وأوصى الشافعي أن تصلي عليه السيدة نفيسة في جنازته، فمرت الجنازة إلى دارها فصلت عليه مأمومة بالإمام يعقوب البويطي، حين وفاته عام 204 هجرية؛ تنفيذًا لوصيته.

 

انطلاق المذهب الشافعي من مصر

 لما أخذت ريح التقليد تهب بعد أن اختار المجتهدون أو بعضُهم طريقة بعض الأئمة في الاجتهاد، ثم صار أهل الإقليم يقلدون إمامًا، ويختارون مذهبه، كان المذهب الشافعي قد استقر في مصر، واستقام أهلها على طريقته، إذ شُغل الناسُ بدراسته عن المذهب المالكي الذي كان غالبًا، والمذهب الحنفي الذي كان معروفًا، لذلك كانت مصرُ المكانَ الذي صدر عنه المذهب الشافعي. 
وقد جاء في طبقات ابن السبكي عن مصر والشام بالنسبة للمذهب الشافعي: هذان الإقليمان مركز ملك الشافعية منذ ظهر مذهب الشافعية، اليد العالية لأصحابه في هذه البلاد، لا يكون القضاء والخطابة في غيرهم.

 

علمه وأخلاقه

 شغل الشافعي الناسَ بعلمه وعقله، شغلهم في بغداد وقد نازل أهل الرأي، وشغلهم في مكة، وقد ابتدأ يَخرج عليهم بفقه جديد يتجه إلى الكليات بدل الجزئيات، والأصول بدل الفروع، وشغلهم في بغداد، وقد أخذ يدرس خلافات الفقهاء وخلافات بعض الصحابة على أصوله التي اهتدى إليها.

فقد أوتي الشافعي علم اللغة العربية، وأوتي علم الكتاب، ففَقِهَ معانيه، وطبَّ أسراره ومراميه، وقد ألقى شيئًا من ذلك في دروسه، قال بعض تلاميذه: «كان الشافعي إذا أخذ في التفسير كأنه شاهد التنزيل»، وأوتي علم الحديث، فحفظ موطأ مالك، وضبط قواعد السُّنَّة، وفهم مراميها والاستشهاد بها، ومعرفة الناسخ والمنسوخ منها، وأوتي فقه الرأي والقياس، ووضع ضوابط القياس والموازين، لمعرفة صحيحه وسقيمه، وكان يدعو إلى طلب العلوم، فقد كان يقول: «من تعلم القرآن عظمت قيمته، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في الفقه نبل قدره، ومن نظر في اللغة رق طبعه، ومن نظر في الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه».

كان الشافعي، رحمَه الله، يجلس في حلقته إذا صلى الصبح، فيجيئه أهل القرآن، فإذا طلعت الشمس قاموا وجاء أهل الحديث، فيسألونه تفسيره ومعانيه، فإذا ارتفعت الشمس قاموا فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر، فإذا ارتفع الضحى تفرقوا وجاء أهل العربية والعروض والنحو والشعر، فلا يزالون إلى قرب انتصاف النهار.

وكان الشافعي متواضعًا مع كثرة علمه وتنوعه، ومما يدل على ذلك قوله: ما ناظرت أحدًا فأحببت أن يخطئ، وما في قلبي من علم إلا وددت أنه عند كل أحد ولا ينسب إليّ.

كرمه

كما كان الشافعي معروفًا بالكرم والسخاء، ومن ذلك ما قاله الربيع بن سليمان: تزوجت، فسألني الشافعي: “كم أصدقتها؟”، فقلت: “ثلاثين دينارًا”، فقال: “كم أعطيتها؟”، قلت: “ستة دنانير”، فصعد داره، وأرسل إلي بصرَّة فيها أربعة وعشرون دينارًا.

وكان الشافعي ورعًا كثير العبادة، فقد كان يختم القرآن في كل ليلة ختمة، فإذا كان شهر رمضان ختم في كل ليلة منها ختمة، وفي كل يوم ختمة، وكان يختم في شهر رمضان ستين ختمة. وقال الحسين بن علي الكرابيسي: “بتُّ مع الشافعي ثمانين ليلة، كان يصلي نحو ثلث الليل، لا يمر بآية رحمة إلا سأل الله لنفسه وللمؤمنين أجمعين، ولا يمر بآية عذاب إلا تعوّذ بالله منها، وسأل النجاة لنفسه ولجميع المسلمين، وكأنما جُمع له الرجاءُ والرهبةُ”.

وكان الشافعي يدعو إلى طلب العلم فيقول: “من تعلم القرآن عظمت قيمته، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في الفقه نبُل قدره، ومن نظر في اللغة رَقَّ طبعُه، ومن نظر في الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه.

ثناء العلماء على الإمام الشافعي

روى الخطيب بسنده إلى إسحاق بن راهويه قال: أخذ أحمد بن حنبل بيدي، وقال: تعالَ حتى أذهب بك إلى من لم تر عيناك مثله، فذهب به إلى الشافعي، فالإمام الشافعي يعتبر شيخ الإمام أحمد.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قلت لأبي: يا أبت أي شيء كان الشافعي فإني سمعتك تكثر من الدعاء له؟ فقال: يا بني الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، انظر هل لهذين من خلف أو منهما عوض؟ وعن أيوب بن سويد قال: ما ظننت أني أعيش حتى أرى مثل الشافعي.

وقال صالح بن أحمد بن حنبل: ركب الشافعي حماره فجعل أبي يمشي، والشافعي راكب وهو يذاكره، فبلغ ذلك يحيى بن معين فبعث إلى أبي في ذلك؛ فبعث إليه الإمام أحمد فقال: إنك لو كنت في الجانب الآخر من الحمار كان خيرًا لك.

وعن سويد بن سعيد قال: كنا عند سفيان بن عيينة فجاء محمد بن إدريس فجلس، فروى ابن عيينة حديثًا رقيقًا فغشي على الشافعي فقيل: يا أبا محمد مات محمد بن إدريس، فقال ابن عيينة: إن كان قد مات محمد بن إدريس فقد مات أفضل أهل زمانه.

قال الرازي رحمه الله: إن ثناء العلماء على الإمام الشافعي أكثر من أن يحيط به الحصر، ونحن نذكر السبب في محبتهم له وثنائهم عليه، فنقول: الناس كلهم كانوا قبل زمان الشافعي فريقين: أصحاب الحديث وأصحاب الرأي، أما أصحاب الحديث فكانوا حافظين لأخبار رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلا أنهم كانوا عاجزين عن النظر والجدل، وكلما أورد عليهم أصحاب الرأي سؤالًا أو إشكالًا بقوا على ما في أيديهم عاجزين متحيرين.

وفاته

توفى الإمام الشافعي في آخر ليلة من رجب سنة 204هـ الموافق 20 يناير 820م، وعمره 54 عاما بعد مرض أنهكه.

ودُفن بالقاهرة واحتفى به المصريون حيا وميتا، إذ بنوا لقبره ضريحا وقبة، أمر صلاح الدين الأيوبي سنة 575هـ/1179م بتجديدها بقبة مطلية بالنحاس الأصفر.

كما بنيت بجوار ضريحه المدرسة الصلاحية وأصبحت مركزا لنشر الفقه الشافعي. 
ويعتبر ضريح الشافعي في منطقة مصر القديمة وسط القاهرة من أكبر الأضرحة في مصر.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية