الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة "قاضي الشريعة" الإمام الشافعي (1 – 5)
في هذه السلسلة، نتناول استعراضًا لليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.
هو ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، ومؤسس علم أصول الفقه، مؤلف كتاب "الرسالة" أول كتاب في علم أصول الفقه.
يوصف بأنه "عقل فقهي ومنهجي عبقري"، وبأنه "مجدد القرن الثاني الهجري".
وهو العالم الذي مزَجَ في فقهه بين طريقة أهل العراق والحجاز.
وهو أيضا إمامٌ في علم التفسير وعلم الحديث، كما عمل قاضيًا وعُرِف بالعدل والذكاء.
أكثر من 1200 عام مرَّت على وفاته، ولا يزال الشافعيُّ حاضرًا في قلوب المسلمين.
اقترن اسم هذا العالم الجليل بـ"الإمام"، ولُقِّب بـ"قاضي الشريعة" دون أن يكون على منصة القضاء، حاضرًا في قلوب المسلمين ودينهم رغم وفاته قبل عشرات القرون.
مولده ونشأته
ولد محمد بن إدريس الشافعي بغزة في شهر رجب سنة 150هـ، الموافق أغسطس 767م.
ولم يكد يحفظ ملامح والده إدريس حتى وافته المنية، فنشأ يتيمًا في حجر أمه فاطمة بنت عبد الله الأزدية (نسبة إلى قبيلة الأزد)، التي قررت الرجوع به وهو ابن عامين إلى مكة خوفًا من أن يضيع أصله ونسبه. وفي تلك الربوع؛ منزل الوحي وانطلاق نور رسالة الإسلام، نشأ وترعرع.
ما أن بلغ سن التمييز حتى دفعت به والدته إلى التعليم رغم الفقر وضيق الحال، فحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين.
ويقول عن هذه المرحلة: "كنت يتيمًا في حجر أمي ولم يكن لها مال، وكان المعلم يرضى من أمي أن أخلُفه إذا قام".
إتقان تلاوة القرآن وتفسيره
ظهرت عليه في وقت مبكر علامات النجابة والذكاء واتقاد العقل، فوجَّهته والدته إلى إتقان تلاوة القرآن وتفسيره على أيدي شيوخ التفسير في المسجد الحرام، وأقبل بعدها على حفظ الحديث النبوي، وكان آية في الحفظ.
درس اللغة والنحو، ولما لاحظ دخول الغريب من الكلمات والتعابير في حديث المسلمين الجدد من غير العرب، اتجهت همته إلى اللغة وعمل بنصيحة الليث بن سعد، إمام مصر، بضرورة إتقان اللغة وأسرار بلاغتها وفنون آدابها، وحفظ الشعر الذي سبق نزول القرآن الكريم، لأنه يساعد على فهم معاني عدد من الآيات والأحاديث، ونُصح بالخروج إلى البادية وتعلم كلام هذيل وشعرها؛ فقد كانوا أفصح العرب، وشعرهم غني بكنوز اللغة.
طالع المزيد: رد فعل الشافعي بعد عثوره على مراسلات فقيه مصر والإمام مالك محترقة (فيديو)
خرج إلى بادية لقبيلة هذيل قريبة من مكة، فعاش مع أهلها سنوات عديدة؛ فحفظ أشعارهم وأخبارهم وكلامهم، وتعلم منهم اللغة والرماية والفروسية.
وقال الشافعي عن هذه المرحلة: "كانت همتي في شيئين: الرمي والعلم، فصرت في الرمي بحيث أصيب من عشرة عشرة".
المذهب الشافعي
الإمام الشافعي هو أحد أبرز أئمة أهل السنة والجماعة في التاريخ الإسلامي، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي.
ويُجمع أهل السنة والجماعة في الإسلام على أربعة مذاهب (الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي)، وجميعُهم متفقون على الأصول الفقهية لكنهم مختلفون في بعض المسائل والفروع التي كونت نشأتها.
والإمام الشافعي ثالث الأئمة الأربعة بعد أبي حنيفة النعمان ومالك بن أنس، وكان تلميذًا للإمام مالك وشيخًا للإمام أحمد بن حنبل، رابع الأئمة.
يعود نسب "الشافعي" إلى أجداد سيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، حيث قيل عنه إنه "ابن عم النبي"، و"إمام قريش" (قبيلة في مكة ينسب إليها رسول الله) الذي ذكره النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، بقوله: "عالم قريش يملأ الأرض علمًا".
أفتى وهو دون العشرين
حفظ الشافعي "المُوطَّأ" في العاشرة، وأُذن له بالإفتاء ولم يبلغ العشرين من عمره.
بدأ ذكاؤه الشديد في سرعة حفظه له، ثم اتجه بعد حفظه القرآن الكريم إلى حفظ أحاديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكان كلفا بها، حريصًا على جمعها، ويستمع إلى المحدثين فيحفظ الحديث بالسمع، ثم يكتبه على الخزف أحيانا، وعلى الجلود أحيانًا، وكان يذهب إلى الديوان يستوعب الظهور ليكتب عليها.
هاجر الشافعي إلى المدينة المنورة طلبًا للعلم عند الإمام مالك بن أنس، ثم ارتحل إلى اليمن وعمل فيها، ثم ارتحل إلى بغداد سنة 184 هـ، فطلب العلم فيها عند القاضي محمد بن الحسن الشيباني، وأخذ يدرس المذهب الحنفي، وبذلك اجتمع له فقه الحجاز (المذهب المالكي) وفقه العراق (المذهب الحنفي).
ثم عاد الشافعي إلى مكة وأقام فيها تسع سنوات تقريبًا، وأخذ يُلقى دروسه في الحرم المكي، ثم سافر إلى بغداد للمرة الثانية، فقدِمها سنة 195 هـ.
وقام بتأليف كتاب "الرسالة" الذي وضع به الأساسَ لعلم أصول الفقه، ثم سافر إلى مصر سنة 199 هـ.
وفي مصر، أعاد الشافعي تصنيف كتاب الرسالة الذي كتبه للمرة الأولى في بغداد، كما أخذ ينشر مذهبه الجديد، ويجادل مخالفيه، ويعلِّم طلابَ العلم.
فقه الشافعي
الشافعية أو المذهب الشافعي أو الفقه الشافعي.. اشتهر هذا المصطلح منذ البدايات المبكرة لنشوء المدارس الفقهية السنية المختلفة، لكنه بالتأكيد ظهر في حياة الإمام محمد بن إدريس الشافعي (150-204 هـ) الذي ينسب إليه المذهب الشافعي.
ويعتمد المذهب الشافعي في استنباطاته وطرق الاستدلال على الأصول التي وضعها الإمام الشافعي بشكل عام، لكن ليس بالضرورة أن تتوافق آراء المذهب الشافعي مع آراء الإمام الشافعي نفسه، بل قد يكون المذهب استقر على ورجّح خلاف ما رجحه الشافعي، لكن الأصول وطرائق الاستدلال واحدة.
ومما يُذكر أن الإمام الشافعي يُعد أول من دوّن كتابًا متكاملًا في العلم المعروف بأصول الفقه، وذلك في كتابه الشهير “الرسالة”، كما دوّن كتبًا أخرى منها: "الحجة"، وهو الكتاب الفقهي الذي دوّنه أولًا في العراق ثم أعاد تأليفه وغير مذهبه في بضع عشرة مسألة فقهية فيه عندما سكن القاهرة وسمى الكتاب “الأم”.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا