الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة الحسن البصري سيد التابعين (2 – 3)
في هذه السلسلة، نتناول استعراضًا لليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.
عاصر الإمام الحسن البصري، سيد التابعين، في عهد الدولة الأموية، ورأى الانحراف في سياسة الحكم، واختيارهم لنظام التوريث الملكي، بديلا عن الخلافة الراشدة.. لكنه آثر المعارضة السلمية، ورفض المقاومة المسلحة، والثورات والصراعات التي خلفت الكثير من الضحايا، والكثير من المظالم، والمزيد من الديكتاتورية، ومخالفة العدالة.. ومع ذلك فلم يتقاعس، لحظة، عن قول الحق في حضرة السلطان الجائر.
من حكمه
بئس الرفيقان؛ الدينار والدرهم، لا ينفعانك حتى يفارقاك.
أهينوا الدنيا فوالله لأهنأ ما تكون إذا أهنتها.
اصحب الناس بما شئت أن تصحبهم فإنهم سيصحبونك بمثله.
فضح الموت الدنيا فلم يترك فيها لذي لبٍّ فرحا.
ضحك المؤمن غفلة من قلبه.
وسأله رجل فقال له: يا أبا سعيد، ما الإيمان؟ قال: الصبر والسماحة فقال: يا أبا سعيد ما الصبر والسماحة؟ قال: الصبر عن معصية الله، والسماحة بأداء فرائض الله.
شيوخه
أحمر بن جزء السدوسي.. الأحنف بن قيس.. الأسود بن سريع.. أنس بن مالك.. جابر بن عبد الله الأنصاري.. جارية بن قدامة التميمي.. جندب بن عبد الله البجلي.. حمران بن أبان مولى عثمان بن عفان.. الزبير بن العوام.. زياد بن رياح.. سعد بن عبادة.. سعد بن هشام بن عامر.. سعد مولى أبي بكر الصديق.. سمرة بن جندب الفزاري.. صعصعة بن معاوية، عم الأحنف بن قيس.. عائذ بن عمرو المزني.. عبد الله بن عباس.. عبد الله بن عثمان الثقفي.
ومن شيوخه أيضا: عبد الله بن عمر بن الخطاب.. عبد الله بن عمرو بن العاص.. أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري.. عثمان بن عفان.. عقيل بن أبي طالب.. علي بن أبي طالب.. عمار بن ياسر، ولم يسمع منه.. عمر بن الخطاب، ولم يدركه.. أبي هريرة، وقيل إنه لم يسمع منه.
كما تعلم من أمه أم الحسن خيرة.
وكان إماما ورأسا لأول مدرسة لرواة ورواية التاريخ العربي الإسلامي تبلورت في تاريخنا الحضاري، فالناظرون في المصادر الأولى لتاريخنا الإسلامي يرون عند التأمل أن الحسن البصري وتلامذته هم نواة أول مدرسة روت أحداث هذا التاريخ.
معارضته السلمية لدولة بني أمية
عاش الحسن الشطر الأكبر من حياته في الدولة الأموية.
وكان الإمام الحسن البصري من أئمة المعارضة لما أحدثه بنو أمية في فلسفة الحكم الإسلامي ونظام الخلافة الإسلامية، ولهذا لم يؤيد من خلفاء تلك الدولة الأموية سوى سادس الراشدين عمر بن عبد العزيز، إذ تولى قضاء البصرة في عهده، وكان له ناصحا وعليه مشيرا، يكتب له الرسائل قبل وبعد تولي عمر بن عبدالعزيز إمارة المؤمنين.
والمراسلات بينهما نموذج من نماذج فكر السياسة والإدارة والإصلاح لواقع الأمة في ذلك التاريخ.
ومع ذلك فلم تصل معارضة الحسن للدولة الأموية إلى درجة الخروج عليها وحمل السلاح ضدها، لانه كان كمؤرخ يدرك ما جرته مثل هذه الأحداث من مآس وآلام على الذين كان كثير منهم من تلامذته، بل وعلى عامة الناس، فكان يشترط لتأييد مثل هذه الأحداث وللانخراط فيها أن تجتمع للحدث أسباب التمكن أي غلبة الظن في النصر.
إيذاء الأمويين له
ولم يسلم الحسن البصري من أذى بني أمية واضطهاد ولاتهم على العراق، وخاصة أذى الحجاج بن يوسف الثقفي فقطعوا عنه العطاء وأحاطوه بالعيون والجواسيس، بل اضطر إلى الهرب من ملاحقتهم عندما هموا بسجنه حتى ماتت ابنته وهو هارب فلم يستطع الصلاة عليها ولم يحضر مواراتها التراب، ولكن هذا الاضطهاد الذي استمر لسنوات لم يمنعه من إعلان نقده وإدانته لمظالم الدولة الأموية.
مناهضة الفكر الجبري
وعندما أخذت الدولة الأموية تبرر أفعالها وساندتها في ذلك فرقة المرجئة التي تدعو إلى إرجاء ذلك إلى الله تعالى يوم القيامة، عندما أخذ هذا الفكر يبرر لذلك الواقع كان الحسن البصري طليعة الذين تصدوا لمناهضة الفكر الجبري، فكانت مدرسته الفكرية التي اشتهرت بمدرسة أهل العدل والتوحيد، هي أولى المدارس التي تبلورت في تاريخنا الحضاري.
ولما كانت صراعات ابن الأشعث مع الحجاج بن يوسف، انطلق عدد من العلماء والفقهاء، ومنهم عقبة بن عبد الغافر وأبو الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي، وعبد الله بن غالب، في نفر من نظرائهم فدخلوا على الحسن البصري، فسألوه: يا أبا سعيد، ما تقول في قتال هذا الطاغية الذي سفك الدم الحرام، وأخذ المال الحرام، وترك الصلاة وفعل وفعل؟
فقال الحسن: "أرى ألا تقاتلوه، فإنها إن تك عقوبة من الله فما أنتم برادي عقوبة الله بأسيافكم، وإن يكن بلاء فاصبروا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين".
فخرجوا من عنده وهم يقولون: نطيع هذا العلج؟! (يعنون: الأعجمي)، وهم قوم عرب، وخرجوا مع ابن الأشعث، فقتلوا جميعًا.
ولم يكن موقفه من الفتن يصدر عن تخاذل ولا خوف من سلطان الحاكم، فقد كان يخاف مخاطر الفتن وما ينتج عنها من مضار جسيمة بالأمة.
نصيحته للفرزدق
عن إياس بن أبي تميمة يقول: شهدتُ الحسن في جنازة أبي رجاء على بغلة والفرزدق إلى جنبه على بعير، فقال له الفرزدق: قد استشرفنا الناس يقولون: خير الناس، وشر الناس.. قال: يا أبا فراس، كم من أشعث أغبر ذي طمرين خيرٌ مني، وكم من شيخ مشرك أنت خيرٌ منه، ما أعددت للموت؟
قال: شهادة أن لا إله إلا الله. قال: إن معها شروطًا فإياك وقذف المحصنة. قال: هل من توبة؟ قال: نعم.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا