الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة الحسن البصري سيد التابعين (1 – 3)
في هذه السلسلة، نتناول استعراضًا لليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.
الحسن البصري إمام وقاضٍ ومحدّث من علماء التابعين، ومن أكثر الشخصيات البارزة في عصر صدر الإسلام.
سكن البصرة، وعظُمت هيبتُه في القلوب فكان يدخل على الولاة فيأمرهم وينهاهم، ولا يخاف في الحق لومة لائم.
سيد التابعين
كان الحسن البصري أشهر علماء عصره، وقال عنه الإمام الغزالي: "كان الحسن البصري أشبه الناس كلامًا بكلام الأنبياء وأقربهم هديًا من الصحابة، وكان غايةً في الفصاحة، تتصبب الحكمة من فيه".
رأى الحسن البصري عددا كبيرا من الصحابة وروى عنهم مثل: النعمان بن بشير، وجابر بن عبد الله، وابن عباس، وأنس بن مالك، رضي الله عنهم.
لقبه عمر بن عبد العزيز بـ "سيد التابعين"، حيث يقول: "لقد وليتُ قضاء البصرة سيد التابعين".
أما السيدة عائشة فعندما سمعته يتكلم قالت: "من هذا الذي يتكلم بكلام الصديقين؟!".
في كابل ثم البصرة
تنقل البصري بين أكثر من مدينة حيث كان مولده ونشأته في المدينة المنورة إلى أن سافر إلى كابل عندما اتجهوا إلى فتحها، كما عمل كاتبًا للربيع في خراسان وكان ذلك في عهد معاوية، بعدها استقر في البصرة حتى حصل علي لقبه البصري، وأصبح يعرف باسم "الحسن البصري".
الحسن البصري
الحسن البصري هو الحسن بن أبي الحسن يسار أبو سعيد مولى زيد بن ثابت الأنصاري.
ويقال مولى أبي اليسر كعب بن عمرو السلمي. وكان أبوه مولى جميل بن قطبة، وهو من سبي ميسان، سكن المدينة وأُعتِق وتزوج بها في خلافة عمر بن الخطاب، فولد له بها الحسن، رحمه الله، لسنتين بقيتا من خلافة عمر.
بركة الرضاعة من أُم سلمة
تربى في بيت النبوة لأن أمه خيرة مولاة لأم سلمة، أم المؤمنين، كانت تخدمها، وربما أرسلتها في الحاجة فتنشغل عن ولدها الحسن وهو رضيع، فتشاغله أم سلمة بثدييها فيدران عليه فيرضع منهما، فكانوا يرون أن تلك الحكمة والعلوم التي أوتيها الحسن من بركة تلك الرضاعة، ثم كان وهو صغير تُخرجه أمه إلى الصحابة فيدعون له وكان في جملة من يدعو له عمر بن الخطاب، قال: "اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس".
وُلد الحسن البصري في المدينة، ونشأ بين الصحابة رضوان الله عليهم، مما دفعه إلى التعلم منهم، والرواية عنهم. وترعرع بالمدينة في كنف الإمام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه.
ورأى الحسن البصري عددا من الصحابة وعاش بين كبار كعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله.
وروى عن عدد كبير من الصحابة، منهم: عمران بن حصين والمغيرة بن شعبة وعبد الرحمن بن سمرة وسمرة بن جندب وأبي بكرة الثقفي والنعمان بن بشير وجابر وجندب البجلي وابن عباس وعمرو بن تغلب ومعقل بن يسار والأسود ابن سريع وأنس بن مالك.
وكما كان للصحابة أثرٌ في تربية الحسن بسبب نشأته بينهم، وتعلمه على أيديهم، كان لبعض التابعين أثر كبير في نفسه.
وبلغ في علوم العربية والإسلام الحد الذي أصبح فيه الانتساب اليه وإلى مدرسته إجازة الاعتماد للعلماء.
البصري أعلم أهل عصره
كان الحسن البصري أعلم أهل عصره، يقول قتادة: "ما جمعتُ علمه إلى أحد العلماء إلا وجدتُ له فضلا عليه، غير أنه إذا أشكل عليه كتب فيه إلى سعيد بن المسيب يسأله، وما جالست فقيها قط إلا رأيت فضل الحسن".
وهو من ثقاة المحدثين، ورائد مدرسة الفلسفة السياسية في تاريخ الإسلام، وناله الاضطهاد والأذى لنقده للظالمين والفاسدين فطاردوه في البلدان وتوعدوه بالعقاب الشديد.
وكان الحسن البصري صوامًا قوامًا، فكان يصوم الأشهر الحرم ويومي الاثنين والخميس.
ويقول ابن سعد عن علمه: كان الحسن جامعًا عالمًا عاليًا رفيعًا ثقة مأمونًا عابدًا ناسكًا كبير العلم فصيحًا جميلًا وسيمًا، وكان ما أسند من حديثه، وروى عمن سمع منه فحسن حجة، وقدم مكة فأجلسوه على سرير واجتمع الناس إليه فحدثهم، وكان فيمن أتاه مجاهد وعطاء وطاووس وعمرو بن شعيب، فقالوا أو قال بعضهم: لم نر مثل هذا قط.
وكان أنس بن مالك يقول: سلوا الحسن فإنه حفظ ونسينا.
وفيه قال حجة الإسلام الغزالي: "كان الحسن البصري أشبه كلاما بالأنبياء وأقربهم هديا الى الصحابة وكان غاية في الفصاحة تتصبب الحكمة من فيه".
وقال أبو سعيد بن الأعرابي في طبقات النساك: كان عامة من ذكرنا من النساك يأتون الحسن ويسمعون كلامه ويذعنون له بالفقه في هذه المعاني خاصة، وكان عمرو بن عبيد وعبد الواحد بن زيد من الملازمين له، وكان له مجلسٌ خاصٌّ في منزله لا يكاد يتكلم فيه إلا في معاني الزهد والنسك وعلوم الباطن.
وعن بكر بن عبد الله المزني قال: من سره أن ينظر إلى أفقه من رأينا فلينظر إلى الحسن.
وقال قتادة: كان الحسن من أعلم الناس بالحلال والحرام.
ومما يعرف عن الحسن البصري شدة خوفه وخشيته لله، وقوله الحق.
وكان ناصحًا لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. كتب إليه عمر بن عبد العزيز: انصحني، فكتب إليه: إن الذي يصحبك لا ينصحك، والذي ينصحك لا يصحبك.
أشجع أهل زمانه
ويعد الحسن البصري أشجع أهل زمانه كما يقول هشام بن حسان.
وكان جعفر بن سليمان يقول: كان الحسن من أشد الناس، وكان المُهلب إذا قاتل المشركين يقدمه.
وكان الحسن البصري من الزاهدين حقًا فهو الذي زهد فيما عند الملوك فرغبوا فيه واستغنى عن الناس وما في أيديهم فأحبوه.
كما كان الحسن ممن يعرف للإخوة حقوقها، فعن معمر عن قتادة قال: دخلنا على الحسن وهو نائم وعند رأسه سلة فجذبناها فإذا خبز وفاكهة، وجعلنا نأكل فانتبه فرآنا فسره، فتبسم وهو يقرأ: "أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ".
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا