الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة إمام دار الهجرة (2 – 2)
في هذه السلسلة، نتناول استعراضًا لليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.
كان الإمام مالك بن أنس، رحمه الله، قوي الشخصية، شديد الاعتداد بنفسه وعلمه، وكان الأمراء والزعماء يهابونه.
وكان مداوما على العبادة، متفرغا للعلم، بعيدا عن السياسة.. انتشر مذهبه في العديد من الأقطار.. ومات على الإيمان والإسلام، رحمه الله.
مذهب الإمام مالك
بدأ مذهب الإمام مالك في المدينة المنورة، وهو أحد المذاهب الفقهية الأربعة، وثانيها ظهورًا بعد مذهب الحنفية، وانتشر المذهب المالكي في بلاد كثيرة حتى وصل إلى دول إفريقيا، وبالذات المغرب، فما زال مذهب الإمام مالك متصدّرًا إلى الآن هناك، بالإضافة إلى وجود لمذهب داود الظاهري.
وقد نشأ المذهب المالكي في المدينة المنورة، وانتشر فيها انتشارًا واسعًا، وبقي المذهب متصدرًا في المدينة المنورة لفترةٍ، ثم قلّ وجوده فيها، إلى أن تولّى ابن فرحون، وهو من علماء المذهب المالكي، القضاء في المدينة؛ فأعاد إظهار المذهب فيها.
كما ظهر في مكة مذهب الإمام مالك، لكنه لم يغلب؛ وذلك لتصدُّر آراء الصحابي الجليل عبد الله بن عباس، رضي الله عنه، بها.
وظهر المذهب المالكي في البصرة، ثم ضعف بعد القرن الخامس.
أما في مصر، فقد أدخل عثمان بن الحكم الجذامي وعبد الرحمن بن خالد المذهب المالكي إلى مصر، وكان ظهوره بها في حياة الإمام مالك، وكان في مصر كثيرٌ من علماء المذهب المالكي؛ كابن القاسم، وابن وهب.
واستمرَّ ظهور المذهب في مصر إلى أن أقام الإمام مالك بمصر لمدَّة خمس سنوات، ثم غلب على مصر مذهب الإمام الشافعي.
وانتشر المذهب المالكي في بلاد الأندلس بعد أن كان مذهب الإمام الأوزاعي هو السَّائد في البلاد، وكان ذلك بعد زمن هشام بن عبد الرحمن، فقد قال ابن حزم: إن المذهب المالكي انتشر بالرِّئاسة في الأندلس.
وكان أهل إفريقيا متّبعين للمذهب الحنفيِّ، فلمَّا تولى المعز بن باديس عليها، نشر فيها وفي البلاد الموالية لأفريقيا مذهب الإمام مالك، وتمَّ اعتماده فيها.
امتاز الإمام مالك، رحمه الله، بفضائل وصفات عديدة أوصلته إلى مكانته التي بلغها، ومنها:
قوة الحفظ: تمتّع الإمام مالك بحافظة مميزة؛ حيث كان يحفظ ما يقرأ عليه من الأحاديث النبوية التي تزيد في المرة الواحدة عن خمسين حديثًا.
الذكاء ودقة النظر: لم يكتف الإمام مالك بحفظ الأحاديث وآيات القرآن؛ بل كان يمتاز بتعمّق نظره في النصوص؛ لاستخراج الأحكام منها، وتصنيف هذه الأحكام، كما أنّه كان يراعي بذكائه ونظره الدقيق حِكم التشريع ومصالحه، فيراعي ذلك في فتاويه.
التحرّي في رواية الحديث: كان الإمام مالك يتوثق في روايته ونقله للحديث، فلم يكن يأخذ الحديث إلا عن الرواة الثقات، وكان دقيقًا فيما يرويه. التزام السنة: كان الإمام مالك شديد الالتزام بالسنة وحريصًا على اتباعها؛ لذا عُرف بكراهته للبدع والابتداع.
غزارة العلم: كان مالك بن أنس كثير العلم، حيث برع في علم الحديث والرواية، وعلم الفقه وغيرها من العلوم.
الإمام مالك يرفض فرض مذهبه على المسلمين
وللإمام مالك قصة شهيرة مع الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور، حين طلب منه اعتماد كتابه "الموطأ" في مختلف البلاد الإسلامية، فيقول الإمام مالك:
"لما حج أبو جعفر المنصور دعاني، فدخلت عليه، فحدثني وسألني، فأجبته..
فقال: إني عزمت أن آمر بكتبك هذه التي وضعتها -يعني الموطأ- فتُنْسَخُ نُسَخًا، ثم أبعث إلى كل مِصْرٍ من أمْصَار المسلمين منها بنسخة وآمرهم أن يعملوا بما فيها لا يتعدونه إلى غيره، وَيَدَعُوا ما سوى ذلك من هذا العلم المحْدَثِ، فإني رأيت أصل العلم رواية أهل المدينة وعلمهم.
فقلت: يا أمير المؤمنين لا تفعل هذا، إن الناس قد سبقت إليهم أقاويل، وسمعوا أحاديث، ورووا روايات، وأخذ كل قوم منهم بما سبق إليهم، وعملوا به، ودانوا به من اختلاف الناس وغيرهم، وإنَّ ردَّهُمْ عَمَّا اعتقدوه تشديد، فَدَعِ الناس وما هم عليه، وما اختار أهل كل بلد منهم لأنفسهم.
فقال: لعمري! لو طاوعتني على ذلك لأمرت به".
وفاة الإمام مالك
تعددت أقوال العلماء في تاريخ وفاة الإمام مالك، والراجح أنّه مرض عدة أيامٍ، وحين حضرته الوفاة نطق بالشهادتين، وقال: "لله الأمر من قبل ومن بعد".
وكانت وفاته في خلافة هارون الرشيد، في يوم الأحد، 14 ربيع الأول عام 179 هـ، ودُفِن في المدينة المنورة في مقبرة البقيع، وهو في الخامسة والثمانين من عمره.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا