الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان (1 – 3)
في هذه السلسلة، نتناول استعراضًا لليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.
كان الإمام أبو حنيفة النعمان، الملقب بـ “الإمام الأعظم” أفقه وأعلم وأتقى وأذكى وأحلم العلماء.. انتشر مذهبه في كل أقطار العالم الإسلامي، وعظَّمه الناس، واحترمه الخلفاء، رغم اختلافه مع ملوك الدولة العباسية، وأزمته الشديدة مع أبي جعفر المنصور.
هو النعمان بن ثابت بن المَرْزُبان، وكنيته أبو حنيفة، من أبناء فارس الأحرار، ينتسب إلى أسرة شريفة في قومه، أصله من كابل (عاصمة أفغانستان اليوم).
أسلم جَدُّه المرزُبان أيام عمر رضي الله عنه، وانتقل إلى الكوفة، واتخذها سكنًا.
مولده
وُلِد أبو حنيفة بالكوفة سنة ثمانين من الهجرة على القول الأرجح (699 م). ونشأ في أسرة مسلمة صالحة غنية كريمة، ويبدو أنه كان وحيد أبويه، وكان أبوه يبيع الأثواب في دكان له بالكوفة، وتركه من بعده لأبي حنيفة.
حفظ أبو حنيفة القرآن الكريم في صغره، شأنه شأن أمثاله من ذوي النباهة والعبقرية.
رأى بعض الصحابة المعمرين
وعاصر بعض الصحابة ورأى أنس بن مالك عند قدومه الكوفة وأكبر شيوخه هو عطاء بن أبي رباح، ومن شيوخه أيضًا الشعبي وعدي بن ثابت وعكرمة وعمرو بن دينار ونافع مولى ابن عمر، وقتادة وقيس بن مسلم، وغيرهم.
وحين بلغ السادسة عشرة من عمره خرج به أبوه لأداء فريضة الحج وزيارة النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، ومسجده.
وكان أول ما اتجه إليه أبو حنيفة من العلوم؛ علم أصول الدين ومناقشة أهل الإلحاد والضلال، ودخل البصرة أكثر من سبع وعشرين مرة، يناقش تارةً ويجادل ويرد الشبهات عن الشريعة تارة أخرى.
ناقش الملحدين والمعتزلة والخوارج
وكان يدفع عن الشريعة ما يريد أهل الضلال أن يلصقوه بها، فناقش جهم بن صفوان (الذي اتُّهم بالزندقة والإلحاد، وقتل فيما بعد) حتى أسكته، وجادل الملاحدة حتى أقرَّهم على الشريعة، كما ناظر المعتزلة والخوارج فألزمهم الحجة، وجادل غلاة الشيعة فأقنعهم.
استمر أبو حنيفة في هذه السبيل من علم الكلام وأصول الدين، ومجادلة الزائغين وأهل الضلال، حتى أصبح عَلَمًا يُشار إليه بالبنان، وهو لا يزال في العشرين من عمره.
وقد اتخذ حلقة خاصة في مسجد الكوفة، يجلس إليه فيها طلاب هذا النوع من العلوم.
ثم اتجه رحمه الله إلى علم الفقه، وتفقَّه على حمَّاد بن أبي سليمان، حتى صار مقرَّبًا عنده؛ قال حماد: "لا يجلس في صدر الحلقة بحذائي غير أبي حنيفة".
مناقب أبي حنيفة النعمان
الفقه: فقد قيل عنه: "من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عالة على أبي حنيفة".
يعني أنّ أبا حنيفة يقع في قمة الفقهاء، ليس غريبًا أن نرى أن مذهبه انتشر في الأمصا، حتى طبّق الآفاق، والشيء الذي لا يصدق أن تلامذته هم الذين دونوا فقهه، وهذا يعني أنّ الإنسان حينما يصدق مع الله, ربما لا يتسع وقته للكتابة، لكن تلامذته الكبار هم الذين كتبوا، وقنَّنوا، وألَّفوا، ودرسوا، وحفظوا مذهبه.
قال أحد العلماء: "رأيت أعبد الناس، ورأيت أورع الناس، ورأيت أعلم الناس، ورأيت أفقه الناس, فأما أعبد الناس فعبد العزيز بن أبي رواد، وأما أورع الناس فالفضيل بن عياض، وأما أعلم الناس فسفيان الثوري، وأما أفقه الناس فأبو حنيفة".
الورع: قال عبد الله بن المبارك: "ما رأيت أحدًا أورع من أبي حنيفة".
العلم: قال شداد بن الحكيم: "ما رأيت أحدًا أعلم من أبي حنيفة".
قيل لأحدهم: صف لي أبا حنيفة، فقال: "كان واللهِ شديد الذبِّ عن محارم الله (أي الدفاع), طويل الصمت، دائم الفكر، لم يكن مهدارًا ولا ثرثارًا, صائنًا لدينه ونفسه، مشتغلًا بما هو فيه عن الناس، لا يذكر أحدًا إلا بخير".
فقال هارون الرشيد: "واللهِ هذه أخلاق الصالحين".
وقال ابن المبارك أيضًا: "ما أبعد أبي حنيفة من الغيبة، ما سمعته يغتاب عدوًا قط".
فقال سفيان الثوري: "هو واللهِ أعقل من أن يُسَلِطَ على حسناته ما يذهب بها".
أيضًا من خصائص هذا الإمام العظيم، أنه يأخذ بما صح عنده من الأحاديث التي يحملها الثقاة.
وقال بعضهم: "صلى أبو حنيفة فيما حفظ عليه صلاة الفجر بوضوء العشاء أربعين سنةً".
يعني أنه ما نام أبدًا، وعن أبي يوسف قال: "بينما أنا أمشي مع أبي حنيفة إذ سمعت رجلًا يقول لرجل: هذا أبو حنيفة الذي لا ينام الليل، فقال أبو حنيفة: والِله لا يتحدث الناسُ عني بما لا أفعل".
ويقول بعضهم: "ما رأيت رجلًا خيرًا من أبي حنيفة".
وقال ابن عيينة: "كان أبو حنيفة أكثر الناس صلاةً".
وقال ابن عيينة: "ما رأيت أحسن أمانة من أبي حنيفة، مات وعنده ودائع بخمسين ألفًا، فما أضاع منها دينارًا واحدًا".
أفقه وأحلم وأذكى وأتقى العلماء
يقول ابن المبارك: "ما رأيت رجلًا أحلم من أبي حنيفة، ولا أحسن سمتًا منه".
قال: "كان أبو حنيفة بين العلماء كالخليفة بين الأمراء".
وقيل عنه: "كان أبو حنيفة رجل فهمٍ متثبتًا، إذا صح عنده الخبر عن رسول الله، لم يَعْدُهُ إلى غيره".
وعن أبي يوسف: "ما رأيت أحدًا أعلم بتفسير الحديث من أبي حنيفة، كان مثلًا يقول في مسألة: ما عندكم فيها من الآثار؟ فنذكر ما عندنا ويذكر ما عنده؛ ثم ينظر فإن كانت الآثار في أحد القولين أكثر, أخذ بالأكثر، وإن تكافأت أو تقاربت، نظر فاختار".
قال: "كنا نختلف في المسألة، فنأتي أبا حنيفة، فنسأله، فكأنما يخرجها من كمه فيدفعها إلينا".
سمعت أبا حنيفة يقول: "ما جاء عن رسول الله فعلى العين والرأس - لأنه معصوم-, وما جاء عن أصحاب رسول الله اخترنا -لأنهم غير معصومين - وما كان غير ذلك، فنحن رجال وهم رجال".
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا