سياسيون بلا مؤهلات
للأسف أن كل الوقائع على الأرض، تؤكد أن كثيرًا ممن يفترضون في أنفسهم سياسيون ولاعبون مؤثرون في عالم السياسية في مصر حاليًا، لا يمتلكون الحد الأدنى من المؤهلات أو الرؤى، التي تؤهلهم للعب مثل هذا الدور، وأن إصرارهم على تصدر المشهد سواء بلباس المعارضة أو المؤيدين للحكومة، بات يشكل خطرًا على الدولة، وأنه قد آن لهم أن يتواروا خجلًا عن المشهد.
فالمتدبر في أمر اللاعبين في عالم السياسية في مصر بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم خلال السنوات الأخيرة، سيجد أن مواقف الأغلبية العظمى منهم لا تستند لقناعة وطنية خالصة، بل تحركها وللأسف دوافع شخصية تخفي وراءها إما مغازلة وتملق للسلطة طمعًا في منصب، أو إرضاء لتوجه أو تيار لأغراض مجهولة.
ولأنني لست بصدد توجيه اتهام لشخص أو تيار بعينة، فسأكتفي فقط بنزع الأقنعة على وجوه سياسية لن أسميها، غير أنها كانت وما زالت وستظل موجودة برضا من يحركونهم، دون إدراك أنهم باتوا لا يتمتعون بالحد الأدنى من المصداقية في شارع المصري، بل إن تأييدهم أو معارضتهم العمياء باتت تشكل خطرًا على الدولة في أغلب المواقف.
فلا أدرى كيف لسياسي مخضرم، طرح نفسه ذات يوم مرشحًا في الانتخابات الرئاسية لقيادة هذا البلد، ويعي يقينا مدى خطورة الأوضاع التي تعيشها البلاد، جراء الأحداث الملتهبة على الحدود مع غزة والسودان وليبيا، ويخرج في برنامج عبر اليوتيوب، لإشعال الشارع المصري، وإظهار الدولة أمام الرأي العام في صورة المتآمر، لسماحها بعبور سفينة إسرائيلية لقناة السويس.
ولعل ما يدعو للعجب في هجوم المرشح الرئاسي المعارض عبر كل العصور، أنه ادعى -لا أدري إن كان متعمدًا أو عن جهل- أنه يحق لمصر تعطيل اتفاقية القسطنطينية وقت الحرب، ومنع السفينة الإسرائيلية، وكل سفن الأعداء من المرور في قناة السويس، بتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك التي تجب -من وجه نظره- الاتفاقية الموقعة خلال العهد العثماني.
المؤسف، أن المعارض الذي افترض فيه البعض ذات يوم القدرة على قيادة مصر، لم يكلف نفسه مجرد العودة لبنود اتفاقية القسطنطينية، قبل إظهار مصر في صورة المتآمر، للتيقن على الأقل من نصوص الاتفاقية، التي تنص صراحة على حرية الملاحة في القناة وقت السلم والحرب، ولكل السفن دون تمييز، وأن نصوصها تمنع فقط الإنزال الحربي أو بقاء السفن الحربية داخل مياه القناة أو بحيراتها وقت الحرب.
وعلى ذات خطى فقد الرؤى، نشر معارض شهير منذ أيام، معلومات مغلوطة روج لها موقع غير معلوم التوجه أو التمويل بالخارج، إدعى زورًا أن مصر قد استقبلت سفينة إيطالية تحمل على متنها شحنة من المتفجرات للجيش الإسرائيلي، مؤكدًا أنه تم تفريغ الشحنة بميناء الإسكندرية تمهيدًا لنقلها إلى تل أبيب.
الغريب، أن المعارض الذي أدين وسجن في قضية حرق المجمع العلمي، سارع بنشر المعلومات المغلوطة لمجرد إظهار الدولة المصرية في ثوب الخيانة، إلا أن ذات الموقع عاد واعتراف بعد أيام، أن السفينة قد أفرغت حمولتها في أحد الموانئ الألبانية، قبل أن تتوجه إلى الاسكندرية لتفريغ شحنة معدات لصالح وزارة الإنتاج الحربي.
ولعل ما يدعو للحزن، أن هؤلاء المعارضين هم أنفسهم من يصرون منذ اندلاع الأحداث في غزة، على تنظيم وقفات احتجاجية، تدعو مصر لفتح معبر رفح، رغم علمهم يقينًا أن إسرائيل هي من تغلق المعبر من الجانب الفلسطيني، وأن السلطات المصرية لم تغلقه يوميًا، بل إن الأرقام تقول إنها ساهمت بنحو 85% من إجمالي المساعدات الإنسانية العالمية إلى الأشقاء في غزة.
وعلى ذات النهج الأعمى، للأسف يسير أيضًا المئات من المؤيدين للسياسات الخاطئة للحكومة، لدرجة أنهم كثيرا ما يجدون الأعذار لكثير من سياستها الخاطئة، والتي لا ترتكز سوى على الاستدانة وجيب المواطن، والتي ألقت بملايين المصريين إلى درجات المدقعين فقرًا. ولتحيا رؤى سياسيى مصر على الدوام.. وكفى