رئيس التحرير
عصام كامل

الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة عمار بن ياسر (1 – 2)

عمار بن ياسر، فيتو
عمار بن ياسر، فيتو

في هذه السلسلة، نتناول استعراضًا لليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.

كان استشهاد عمار بن ياسر، رضي الله عنه، بمثابة الحد الفاصل بين الحق والباطل.. بين العدالة والظلم.. بين الفئة المؤمنة والفئة الباغية.

ومع ذلك، فقد نجح الباطل في تزييف الحقيقة الساطعة، وتمكنت الفئة الباغية من تشويه الصورة الصحيحة لخندق الحق، وخداع المؤمنين الصالحين.

قصة إسلام آل ياسر

 

كان رضي الله عنه ووالداه من أوائل من أسلموا ومن عُذِّبوا في سبيل الله.

جاء أبوه وأخواه الحارث ومالك من اليمن إلى مكة يطلبون أخًا لهم، ورجع أخواه لكنه آثر البقاء في مكة، وحالف أبا حذيفة بن المغيرة، ثم زوَّجه جاريته سمية، فلما ولدت عمارًا أعتقه أبو حذيفة فأصبح مولى لبني مخزوم.

 وكان ياسر وزوجته سمية وابنهما عمار من أوائل من استجاب لدعوة النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، وكان بنو مخزوم يخرجون بعمار وأبيه وأمه في شمس وصحراء مكة يعذبونهم بها، فيمر بهم الرسول، صلى الله عليه وسلم ويقول: صبرًا آل ياسر، موعدكم الجنة. 

اقرأ أيضًا: الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة أبي ذر الغفاري

وكانت سمية هي أول شهيدة في الإسلام حيث قتلها أبو جهل بطعنة بحربته في قلبها حتى قتلت، وكان عمار بن ياسر يعذب حتى لا يدري ما يقول.

لحظة ضعف

 يصف ذلك خالد محمد خالد في كتابه “رجال حول الرسول”، فيورد ما فعله المشركون بعمار حين قالوا له وهو تحت وطأة التعذيب: اذكر آلهتنا بخير، وأخذوا يقولون له، وهو يردد وراءهم القول في غير شعور، في ذلك اليوم، وبعد أن أفاق قليلًا من غيبوبة تعذيبه، تذكّر ما قاله فطار صوابه، وتجسمت هذه الهفوة أمام نفسه حتى رآها خطيئة لا مغفرة لها ولا كفارة.. وفي لحظات معدودات، أوقع به الشعور بالإثم من العذاب ما أضحى عذاب المشركين تجاهه بلسما ونعيما.

وفي المستدرك، يروي محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه قائلًا: أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى أساء للنبي، صلى الله عليه وآله وسلم، وذكر آلهتهم بخير ثم تركوه، فلما أتى رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم قال: "ما وراءك ؟"، قال: شرٌّ يا رسول الله، ما تركت حتى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخير قال: "كيف تجد قلبك؟"، قال: مطمئن بالإيمان قال: "إن عادوا فعد".

عاش عمار بن ياسر أيقونة إسلامية، ورمزًا عظيمًا هو وأسرته، فبعد أن أسلم مع أبيه ياسر، وأمه سمية، وأخيه عبد الله، استضعفتهم قريش، فكانت تعذبهم أشد العذاب.

 وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يمرّ بهم ويسلم عليهم ويقول: "صبرًا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة".

الأم سُميَّة، أول شهيدة في الإسلام

وفى سبيل إيمانها بالحق استشهدت أمه، فأصبحت أول شهيدة فى الإسلام، ولحق بها ياسر شهيدًا أيضًا، بينما كان عمار يعذب بالنار، فيمر النبى عليه ويقول: "يا نار كوني بردًا وسلامًا على عمار كما كنت بردًا وسلامًا على إبراهيم".

وكان الرسول، صلى الله عليه وسلم، يخرج كل يوم إلى أسرة ياسر مُحييًا صمودها وقلبه الكبير يذوب رحمة وحنانًا لمشهدهم، وذات يوم ناداه عمار: يا رسول الله، لقد بلغ منا العذاب كُلَّ مبلغ، فناداه الرسول صلى الله عليه وسلم: صبرًا أبا اليَقْظان، صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة.

الهجرة

اختلف الآراء حول مشاركة عمار بن ياسر في الهجرة إلى الحبشة، لكنه هاجر إلى المدينة وآخى الرسول، صلى الله عليه وسلم، بينه وبين حذيفة بن اليمان، وشهد، رضي الله عنه، مع الرسول، صلى الله عليه وسلم، الغزوات كلها، وكان ممن بايعه في بيعة الرضوان، وهي التي نزل فيها قوله تعالى: "لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا".

حب الرسول له

كان الرسول، صلى الله عليه وسلم، يقول عنه: إن عمّارًا مُلِىء إيمانًا إلى مُشاشه تحت عظامه.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم، عنه أيضا: "اشتاقت الجنّةِ إلى ثلاثة: إلى عليّ، وعمّار، وبلال".

وقال النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، أيضا: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عَمّار".

عندما قدم الرسول إلى المدينة وأراد أن يبني مسجده، في "قباء"، كان كل رجل يحمل على كتفه "لبنة"، إلا عمار كان يحمل اثنتين، واحدة له والأخرى عن النبي، صلى الله عليه وسلم، لذا كان رسول الله يمر به فينفض عنه التراب، وفي "البداية والنهاية" لابن كثير، عن النبى صلى الله عليه وآله، أنه كان يمر به فيمسح ظهره، ويقول: "ابن سمية، للناس أجر ولك أجران، وآخرُ زادِك شربةٌ من لبن، وتقتلك الفئة الباغية".

بشره الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، البشارة الثانية: ".... تقتلك الفئة الباغية"، والبشرى هنا أنه سيكون على الحق، فمقتله استشهاد، ونيل الفردوس الأعلى.

ويسقط جدار على رأس عمار فيظن بعض إخوانه أنه مات، فيذهب الى الرسول ينعاه، فيقول الرسول، صلى الله عليه سلم، بطُمأنينة وثقة: "ما مات عمار، تقتل عماراَ الفئة الباغية".

بعد انتقال الرسول، صلى الله عليه وسلم، إلى الرفيق الأعلى شارك عمار في حروب الردة، ويوم اليمامة، وقد أصيب في أذنه فقطعت يومها، وحين كان واليًا على الكوفة في عهد عمر بن الخطاب عيره بها أحد العامة قائلًا: يا أجدع الأذن، فرد عليه قائلًا: خير أذني سببت.. لقد أصيبت في سبيل الله.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية