رئيس التحرير
عصام كامل

التعليم أكبر صناعة مربحة

رغم الحملة الشرسة التي واجهت وزير التعليم الجديد إلا إنه الوحيد الذي إكتشف داء التعليم في هذا البلد، وهو غياب رؤية من سبقوك لما يسمي ب إقتصاديات التعليم، ولايحتاج الأمر لجهد لإثبات أن النهضة لأي أمة ترتبط بمستوي التعليم فيها، وهناك معادلةً يحفظها العالم منذ أدم سميث في مؤلفه الشهير ثروة الأمم The Wealth of Nations الذي نشر سنة 1776م.. 

 

بل إن محمد علي صنع الدولة المصرية الحديثة بالتعليم وإرسال الآلاف لتلقي العلم في باريس، وعادوا صناع مهرة، وهكذا فإنه كلما زاد المنصرف علي التعليم كلما زاد الدخل القومي للبلد، وصحيح أن الأحوال الاقتصادية في مصر بعافية، ولكن الشاطر يغزل بما لديه.. 

 

وربما يكون الحكم علي وزير التعليم مبكرا ولكن البدايات تعطي مؤشرًا للمستقبل، فقد نجح في تقليل المهدر في الأبنية باستغلال المساحات والعمل لأكثر من فترة لتقليل الكثافة، ثم راح يتعاقد مع المدرسين بنظام الحصة، وهكذا نجح في مواجهة أكبر ثلاث أزمات للتعليم في مصر..


وخذ مثلا للهدر فالدولة تدفع 2 مليار جنيه ميزانية سنوية لطباعة الكتب المدرسية التي لا نستخدمها، لأن مدرسي المدارس علي اختلاف نوعيتها يشرحون ويعطون الواجبات من الكتب الخارجية، وهذا إهدار سنوي للمال العام، والغريب أن الحل الشامل موجود ومطبق لدينا في مدارس النيل، فلماذا لم تطبق للجميع؟ وهى مدارس تدرس المناهج للشهادة الإنجليزية.. 

 

وهذا الاقتراح تحديدا تم تحويله للوزارة منذ عام 2017، وكنا بذلك بجانب توحيد مصادر المناهج للجميع بدلا من فسيفساء أنواع المدارس من أمريكى وإنجليزى وفرنسى وألمانى وتركى، وبذلك نوفر ملايين الجنيهات التى ذهبت لمشروع تطوير المناهج؟!

 

وبذلك يحصل الطالب المصرى الفقير وهم الاغلبية على مصادر تعليمية دولية أيضا، وموجودة لدينا وباتفاقيات مصرية حكومية بدلا من قصرها على الأغنياء لالتحاق بالشهادات الاجنبية فقط، وبعدها نترك للاجتهاد نصيبا فى تحديد الفروق الفردية بين الطلاب بعيدا عن الطبقية التعليمية بالمناهج..

 

وعلي العموم أصبح التعليم صناعة مربحة تزيد عائداتها الاقتصادية والاجتماعية زيادة كبيرة على تكاليفها، وهذا ما دعا اقتصادي التعليم إلى تنظيم استثماره ليعطي أفضل مردود. وقد نشطت هذه الدعوة في الستينات وكانت وراء التوسع في الإنفاق على التعليم..

 

سنغافورة بدأت نهضتها كدولة تخصص حوالي 20% من ميزانيتها السنوية لقطاع التعليم، لتخرج من الفقر إلي القمة ولعب التعليم في اليابان دورا مهما في نموها الاقتصادي، حيث تركز البلاد بشدة على التعليم والانضباط، مما ساهم في قطاعاتها التكنولوجية والصناعية المتقدمة. 

 

كما تحولت كوريا الجنوبية من دولة مزقتها الحرب إلى قوة اقتصادية نظامها التعليمي صارم ويركز بشدة على مواضيع العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات، وقد دفع هذا التركيز على التعليم وتنمية المهارات إقتصاد كوريا الجنوبية ليصبح واحدا من أقوى الاقتصادات في العالم..

 


وهناك دراسة للبنك الدولي تشير إلى أن إنتاجية المزارع الذي تابع الدراسة في التعليم الابتدائي لمدة أربعة أعوام، كانت أكثر ارتفاعًا في المتوسط بنسبة 3.7% من ذلك الذي لم يذهب إلى المدرسة، المزارع الأمي، وقد ترتّب عن ذلك أن الإنتاج الزراعي للمزارع الأول يزيد سنويًا بنسبة 13.2% على إنتاج المزارع الثاني الأمي.

الجريدة الرسمية