رئيس التحرير
عصام كامل

إشارات متضاربة!

حتى كتابة هذه السطور صباح اليوم الخميس، تبدو الإشارات من داخل إسرائيل وخارجها متضاربة، كما بدت إشارات الدولة الإيرانية أيضا متناقضة. فالصحف الإسرائيلية وأبرزها إسرائيل اليوم تحدثت عن دخول وقف إطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله حيز التنفيذ خلال الساعات القليلة القادمة، بعد موافقة نتنياهو على المقترح الفرنسي الأمريكي بترتيب مع إيران!
 

نعم بترتيب مع إيران التي جرت بينها وبين أمريكا اتصالات غير مباشرة عديدة بشأن منعها من التدخل أو التورط، والوسيط الرئيسي بالطبع دول عربية فضلا عن الوسيط الفرنسي المعنى بالشأن اللبناني تاريخيا..

 
وبينما تحدث الإعلام الإسرائيلي عن ضوء أخضر من نتنياهو للموافقة على الخطة الأمريكية الفرنسية بوقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أسابيع، إذا انطوت الخطة على عودة السكان إلى منازلهم في الشمال.. وكان نصر الله زعيم حزب الله قد تحداه أن يعيد السكان إلى شمال إسرائيل، لكن اللهجة تغيرت بعد سلسلة الضربات القاصمة المخزية التي تلقاها الحزب في صفوف قياداته بسبب الخونة فيه ومن حوله.


ومع ذلك فإن مكتب نتنياهو عاد لينفي صحة ما تردد من قرب وقف إطلاق النار، وأن الأوامر هي استمرار ضرب حزب الله بكل قوة ولا وقف للهجمات.. وكما هو واضح فإن نتنياهو فيما يبدو يقود العمل العسكري بعد تحييد وزير دفاعه نسبيا، فهو يمنعه من حضور المشاورات الأمنية المصغرة!
 

الإشارات المتعاكسة لنتنياهو هي طبيعته الشخصية، وهي سياسته المزمنة، فهو يوافق ويرفض ويرفض ويوافق، مناورات مستمرة للتهرب من الضغوط وتوسيع مجال الحركة تحت وأمام قدميه، وهدفه ثابت لا يغيب لحظة عن عقله: لا دولة فلسطينية ما دمت حيا..


إشارات نتنياهو المتناقضة سبقتها بالمثل إشارات متضاربة واردة من إيران، ففي حوار للرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان مع شبة CNN، قال مسعود إن حزب الله غير قادر على إلحاق الهزيمة بإسرائيل وأن إيران تريد حل الخلافات مع الغرب بشأن الاتفاق النووي، وأن امتلاك سلاح نووي ليس في العقيدة العسكرية الإيرانية.. 

 

وبدت تصريحات مسعود كأنها تصنع مسافة ابتعاد عن حزب الله، وهو ما بادر بإصلاحه المرشد الإيراني في اليوم التالي بأن أكد أن إيران لن تتخلى عن أذرعها وحلفائها، بل إن وزير الخارجية أكد أمس في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة أن إيران ستدافع عن لبنان ولن تقف مكتوفة الأيدي.. كلام!


تلقت أمريكا الإشارات الإيرانية بقبول حذر، ومع القنوات العربية والفرنسية وعبرها تواصلت المشاورات أن تتدخل إيران لإقناع حزب الله بقبول الخطة الأمريكية الفرنسية وهي أساسا لإنهاء الحرب في غزة، وبالتالي إنهاء الحرب على لبنان.. 


من المقرر أن يسافر نتنياهو إلى نيويورك الليلة لحضور جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة السنوية، رحلة ينظر إليها الرأي العام الإسرائيلي نظرة سخط واستهجان وأن رئيس الحكومة ذهب لينعم بيومين إجازة مع زوجته سارة، تاركا وراءه دولة في حرب ورهائن محتجزين منذ عام تقريبا.. 

 


هل هزمت إسرائيل حزب الله وقضت على أسلحته؟ قتل القيادات الكبيرة سبب ارتباكا واسعا بلا شك، لكن استمرار إطلاق الصواريخ بالمسافات البعيدة، مائة كيلومتر وأكثر، صوب مقر الموساد بضواحي تل أبيب، والمسافات المتوسطة، يعنى أن ترسانة الحزب وإن فقدت نصفها. فإن النصف الاستراتيجي لا يزال في تخزين عميق، ولم تتوصل إسرائيل بعد إلى مخابئه.. أين نحن من هذا كله؟
نتابع تفاصيل المشهد وتداعياته..

الجريدة الرسمية