رئيس التحرير
عصام كامل

ضربة بداية حرب أم رسالة ردع ومنع؟

لبنان فعلا دخل الحرب، وما أعلنه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت صحيح؛ فهم في بداية مرحلة جديدة من الردع، بعد موجتي التفجيرات المتلاحقة أمس وأول أمس، عبر أجهزة الاستدعاء المفخخة بأيدي عناصر وقادة وعائلات حزب الله في الضاحية الجنوبية من بيروت وفي سوريا، وفي البقاع وفي الجنوب اللبناني كله، أربعة آلاف جهاز مفخخ.. 

ثم أمس تبين ان أجهزة اللاسلكي بايدي المسعفين وبأيدي العناصر، هي الأخرى مفخخة.. تفخيخ شبكة اتصالات حزب الله ونسفها بأيدي عناصره وقياداته بمثابة نزع المخ عن الجسم، وهو ما تفعله الجيوش، إذ تبدأ بضرب مراكز التحكم والسيطرة، ولا تحكم ولا سيطرة بدون وسائل اتصال بالغة الحماية والتأمين.. 


 كانت ضربة بداية حرب أم رسالة ردع ومنع؟ حزب الله قد حظر قبل عشرين عاما استخدام الموبايلات في التواصل، خشية تفجيرها، كما منع استخدام التليفونات الأرضية، وصاروا يعتمدون على جهاز استدعاء الأطباء أو الأساتذة، يعلق بالخصر، تتلقى عليه رسالة ولا يمكنك أن ترسل ردا، تتلقى نبضات إضاءة تعقبها رسالة بالمطلوب..

 

الأربعة آلاف جهاز استدعاء، Pagers صنعت في تايوان وتسلمها حزب الله قبل خمسة أشهر ومعها اجهزة اللاسلكي ICOM V 82، لكن وزارة الاقتصاد التايوانية قالت إنها لم تصنع هذه الأجهزة عندها بل صنعتها شركة مجرية شريكة لها، بدورها نفت حكومة المجر وجود أي نوع أو صناعة لأجهزة الاستدعاء.. 


فمن صنعها إذن؟ ومن فخخها بثلاثة جرامات متفجرات زرعت بجوار البطارية؟ وكذلك الأمر بالنسبة لأجهزة الاتصال اللاسلكية، ومن حجم الدمار يمكن الاستدلال أن العبوة الناسفة المزروعة بها أكبر حجما.


يومان من الرعب عاشهما، ولا يزال الشعب اللبناني في جزع وهلع ولا يبدو أن إسرائيل ستكتفي.
حتى هذه اللحظة لم تعترف إسرائيل بمسئوليتها عن التفجيرات، لكن جالانت كان أخبر وزير الدفاع الأمريكي قبل تنفيذ سلسلة التفجيرات بدقائق عن عملية نوعية غير مسبوقة في لبنان، ورفض أن يكشف نوعيتها ومداها وهدفها لنظيره أوستن!


ما حدث هو أسوأ استخدام من قبل دولة للتكنولوجيا في أجهزة مدنية، لا ريب أن حزب الله في حالة تشتت، ووصفت الإدارة الأمريكية حالته بالمذعور.


يرى محللون كثيرون أن تفجير آلاف الأدوات الاتصالية المفخخة هو الضربة الافتتاحية للحرب علي لبنان، يعقبها موجات بالطيران، ثم الهجوم البرى، ويتزامن مع ذلك وجوب الرد الصاروخي الكثيف من حزب الله، لكن هل ستتمكن القيادات الميدانية والسياسية من التواصل، وتلقي الأوامر والتوجيهات؟ 

 

من المؤكد أن ما حدث سيجبر كل الدولة اللبنانية، بل كل دول المنطقة على مراجعة حزامها الأمنى السيبرانى، وتشديد الدفاعات الالكترونية، والتخلي عن أجهزة قابلة للتنصت والتحول لقنابل موقوتة.
500 من حزب الله اصابهم العمى، ونزيف في البطون، ووفيات وآلاف الجرحى، لأن كلا منهم كان يحمل قنبلة موقوتة ولا يدري.


الأجهزة المفخخة بأيدي الحزب وعناصره وعائلاته منذ خمسة أشهر.. فلماذا لم تفجرها إسرائيل قبل ذلك في أي وقت؟ ولماذا الأن؟
 

هناك رأيان، الأول أنه رسالة ردع لحزب الله، ويبدو أنه تلقاها واضحة لأن مسئولا به قال إن الحزب لا يريد حربا واسعة لأنها بلا جدوى، والثاني يرى أنها التمهيد النيراني بإشاعة الفوضى، الفصل الأول في الحرب..

 


لبنان البلد العربي الجميل سيدفع الثمن وستدفع إسرائيل الثمن، وستبقى إيران تفكر وتفكر ثم تفكر وتفكر، قبل أن ترد علي صفعتين قويتين من الموساد والمخابرات الحربية الإسرائيلية، اغتيال هنية وهو في حضن طهران، وإصابة سفيرها لدى لبنان في عينيه، ونقله إلى إيران للعلاج.. إيران وإسرائيل وأمريكا على خط واحد.

و.. نتابع.

الجريدة الرسمية