رئيس التحرير
عصام كامل

مأزق حزب الله

نعم هو في مأزق، وباتت كل المخارج اختبارا لخطاب التهديد بمنع سكان الشمال من العودة لمساكنهم الإ بإذن زعيم الحزب.. ليس حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في هذا المأزق غير المسبوق في تاريخ الصراع بين إيران وذراعها في لبنان وبين الدولة النازية الصهيونية، بل أن الدول العربية كلها باتت جميعها في مأزق التحدي، ومراجعة الحسابات، المكسب والخسارة، فحص الأجهزة وفحص الأسلحة والشبكات وفحص البشر، وبخاصة في الدوائر المغلقة والعليا منها!


ما تفعله إسرائيل علي مدى أسبوع من الضربات المتلاحقة، أمنيًا وتقنيا وعسكريا، هز البنية الأساسية للحزب، وظهر جليا أن بالحزب جواسيس يعملون لحساب الموساد والمخابرات الحربية الاسرائيلية، وليس أوضح ولا أكثر صراحة مما أعلنه أمس وزير الداخلية اللبناني من أن قوي الأمن اللبنانية تكتشف يوميا واسبوعيا جواسيس من لبنان يعملون لحساب العدو! أي كارثة أكبر من هذه!


لبنان في حرب وجود، وهنالك طوائف عديدة، صحيح أن موجة التفجيرات التى استمرت يومين ونالت من مئات الأبرياء ولا يزالون بالمستشفيات، وحدت المجتمع اللبناني، وتعاطف الجميع مع الجميع، لكن حقيقة الأمر أن التجسس الداخلي، بل داخل الحزب ذاته، هو ما أدي إلى اغتيال عقيل وأحمد وهبي.. وأربعة عشرة أخرين كانوا في اجتماع سرى بالطابق الثاني تحت الأرض من البناية التى دمرتها أربعة صواريخ.. 

 

تلاحقت الضربات، ولاتزال، لأن اسرائيل لن تهدر فترة التوهان الحالية، وفقدان التركيز، وتفسخ الاتصالات وشيوع الريبة، وكما وعد نصر الله بعدم عودة سكان الشمال الى بيوتهم، فإن إسرائيل تواصل غارات كثيفة النيران وتنسف مئات المنصات الصاروخية..


الحزب أمام خيارين إما الرد بقوة للثأر واثبات الوجود، أو الاستمرار في تلقي الضربات حتى إضعافه تماما كما أعلنت إسرائيل.


أم الحزب الشرعية، إيران، لن تنقذه، ولن تتدخل، لأن طموحها النووى هو كل ما تحرص علي استمراره، ولن تجازف برد يمنح إسرائيل وأمريكا الفرصة الاستراتيجية لتدمير مشروعها النووي.


إسرائيل تعرف أن الحزب لا يريد تدمير لبنان كما دمرت غزة، وتعلم أن الحزب لا يريد حربا إقليمية، وهي ذاتها لا تريد حربا إقليمية، ومن ثم فإنها اختارت الخروج من البروتوكول المتفق عليه في الاشتباك بين الجانبين، وقررت بعد أن صارت لها اليد العليا في الأسبوع الأخير أن توسع الضربات بالغارات، بل فرضت علي الحزب أمرين: الابتعاد عن خط الحدود أربعين كيلو مترا، والتوقف عن إسناد غزة!


غزة أم لبنان؟ لبنان أم ايران؟ سؤال يواجه الضمير العربي، عامة ونصر الله خاصة.. من ناحية إيران سيكون السؤال: حماس أم المفاعل النووى؟ المفاعل طبعا، حزب الله أم المفاعل النووى؟ المفاعل طبعا.


مازق بحجم الصدمة التى حققتها إسرائيل بتفخيخ منظومة الاتصالات، وبنجاح جواسيسها داخل الحزب، في الاخطار بما يعتزمه قادة الحزب العسكريون.. هل أحد سعيد بالمشهد المخزى الراهن؟
هل كنا بحاجة إلى هذا العار الفاضح؟ هذا ما يحدث حين تكون الدولة الواحدة دولتان، والولاء للغريب أولا.

 


كل ما نتمناه هذه اللحظة هو الحفاظ علي لبنان ورد الاعتبار لصورة الحزب وكيانه.. ترى هل ستسكت اسرائيل لو اطلقت عليها منظومة ال160 آلف صاروخ؟ وأين سترد بال F35.. ثم الأكثر مدعاة للحزن: أين غزة الأن؟ توارت!

الجريدة الرسمية