رئيس التحرير
عصام كامل

هل أن الأوان لإغلاق الأمم المتحدة؟

 تتزايد الفعاليات وتتكاثر هذه الأيام مع بدء مراسم افتتاح الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة وهي بالمناسبة الدورة رقم 79، ومع هذه الفعاليات تتزايد الأسئلة والاستفسارات حول جدوى وجود منظمة الأمم المتحدة في العالم، وهل أن الأوان لحل هذه المنظمة وإطلاق رصاصة الرحمة عليها وإعلان أن لغة القوة هي التي باتت تسود العالم.. 

وأن القوة هي التي تتيح لمن يملكها فرض رأيه ورؤيته، بل وتتيح كذلك لمن يملكها فى فرض ما يراه من مواقف على من يرى من أعضاء المجتمع الدولي، بل وإلزام البعض الأخر بإعلان ما يفرضه صاحب تلك القوة من أراء ومواقف!


الأمم المتحدة لم يبق لها من فعاليات مؤثرة، سوى مداومة آلاف الموظفين، سواء الموظفين العاملين بالمنظمة ذاتها أو رؤساء وأعضاء البعثات التي تمثل 193 دولة، هم جملة الدول المستقلة في العالم، أولئك يقصدون مكاتبهم في المقر الرئيسي في نيويورك أو المقر الأخر في أوروبا والمقار الأخرى التابعة للمنظمة والكيانات التابعة لها.


إضافة إلى ذلك هناك فعاليات غير مؤثرة للأمم المتحدة ولكننا نتابع أخبارها بين الحين والآخر، فهناك ما يقولون عنه قوات حفظ السلام في العالم، يتم إرسالها بآليات معينة إلى مناطق النزاعات التي تختارها القوى المؤثرة على دولاب العمل في الأمم المتحدة.. 

 

وهناك أيضا الممثلين الشخصين أو المبعوثين الذين يعينهم الأمين العام للأمم المتحدة ليصبحوا بديلا عنه أو متحدثين باسمه أو ممثلين له في كل النزاعات والأزمات التي يشهدها العالم، فعلى سبيل المثال نجد أن هناك مبعوثا للأمين العام للأمم المتحدة للشرق الأوسط، وآخر للأزمة الليبية، وآخر للأزمة السورية، ورابع للأزمة الكورية.. ألخ! 

ولا تسمع عن أولئك أو منهم سوى تصريحات لا تغني وتسمن من جوع، ومن سخرية الأقدار ـن الكثيرين من أولئك الممثلين أو المبعوثين الشخصيين للأمين العام للأمم المتحدة، يقضون سنوات في مهمتهم غير المحددة الهدف أو المدة، والتي يتقاضون خلالها رواتب وبدلات متعددة معتبرة..

ولا ينهون أي أزمة كما ينبغي، ومنهم من يتم التجديد لهم ومنهم من يتم إختيار بديل جديد له، ولا أريد أن أكون قاسيا على أولئك الممثلين الشخصيين للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثية، فقناعتي أن أي صدي صوت يستمد ملامحه من حيث القوة والضعف أو التأثير من الصوت الذي يكرره!


الميزانية السنوية لمنظمة الأمم المتحدة وفق آخر إحصاء رسمي بلغ 3.59 مليار دولار تدفع الولايات المتحدة الأمريكية الجانب الأكبر منه، وبالطبع هناك نفقات أخرى ربما تكون مماثلة تتحملها الدول الأعضاء بالمنظمة والتي يتم إنفاقها أو تخصيصها من ميزانياتها لبعثاتها الديبلوماسية التي تمثلها في الأمم المتحدة ومقريها الرئيسي في نيويورك أو الأوروبي في جنيف!


ضجيج أخر نسمعه أو نتابعه في مثل الوقت من كل عام، حيث تبدأ فعاليات الدورة الجديدة للأمم المتحدة في نيويورك التي يتوافد عليها غالبية زعماء وقادة العالم أو من يمثلونهم، سواء رؤساء وزراء أو وزراء خارجية أو مندوبيهم في المنظمة، ووفق نظام معد سلفا يتوافد على القاعة الرئيسية التي يجلس فيها ممثلي كل دول العالم، الزعماء ورؤساء الدول والحكومات لإلقاء بياناتهم.. 

 

وغالبا ما تمتلئ كلمات غالبية المتحدثين بالكثير من التمنيات أو المطالبات يتم ارشفتها بكل تفان ونظام في سجلات الحفظ الموجودة لدى سكرتارية الأمم المتحدة، وأظن أن إجراء مقارنة بين سجلات الكلمات التي ألقاها العديد من زعماء العالم في عدة سنوات متتالية سيكشف أن الكلمات التي ألقي كثيرون منهم هي كلمات وبيانات ومطالبات وربما انتقادات متكررة، هذا الحال ينطبق كذلك على كلمات زعماء الدول التي تحكم العالم!


الحادث بالفعل أن كافة الأهداف التي أنشأت من أجلها الأمم المتحدة لم ينفذ منها هدف واحد، فلم يعم السلام، ليس في العالم، ولكن في أي إقليم من أقاليم العالم غير المستقرة، بل زادت معدلات النزاعات وزادت معدلات الجرائم المنصوص عليها كجرائم يعاقب عليها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.


ولكن وإحقاقا للحق، هناك بعض مناطق النزاعات التي تدخلت فيها الأمم المتحدة حسب رغبات القوي المسيطرة على العالم، أو تركتهم يتدخلون كما يرغبون (العراق نموذجا)، فالمبررات والتخريجات المنصوص عليها في ميثاق المنظمة جاهزة ومحفوظة تحت الطلب لتقديمها لمن يريد من الدول القوية المسيطرة في أي لحظة. 


أيضا حق الرفض أو الفيتو مظهر آخر من المظاهر التي تجسد ضعف الأمم المتحدة وعدم جدواها كمنظمة تحمي السلام وتنصر القانون الدولي في العالم، هذا الحق حصريا تستخدمه وتمارسه القوى العظمى بما يخدم مصالحها، ورؤيتها بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى تحفظ السلم أوالأمن الدوليين أو تنتصر لضعفاء العالم!

الجريدة الرسمية