شباب حول الرسول، ثابت بن قيس "خطيب الأنصار"
منذ فجر الإسلام، أحاط بـ رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، نخبة من المسلمين الأوائل، في الوقت الذي آمن فيه فتية صغار السن بالله حبًّا في النبي، وجهروا بالإسلام في شجاعة نادرة، رغم ما كان يكتنف البيئة المحيطة من تقديس للأصنام، والأوثان، وإدمان للأدران، وصمدوا بقوة أمام ضغوط الآباء والأمهات وعتاة المشركين.
تربوا في مدرسة الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، وحرصوا على مراقبة تصرفاته، وأنصتوا لنصائحه، وحفظوا أقواله، وفقهوا أحاديثه.
كانوا أصحاب فكر سديد، فأعلنوا اتباعهم للنبي، وتمسكوا بدينهم، وبذل بعضهم روحه من أجل العقيدة، وبعضهم فاق الكبار علما وفقها وشجاعة.
إنهم "شباب حول الرسول".
نعرض اليوم ملامح من حياة خالدة لصحابي شاب، كانت له منذ إسلامه مواقف جليلة، يستحق معها أن يكون قدوة لملايين الشباب في عصرنا الحالي.
هو ثابت بن قيس بن شمّاس بن زهير بن مالك الأنصاري من الخزرج، وكنيته: أبو عبد الرحمن، أحد السابقين إلى الإسلام في يثرب، الذين أسلموا على يد مصعب بن عمير، رضي الله عنه، ولم يشهد بدرًا، لكنه شهد أحدًا وبيعة الرضوان.
ومن إخوته لأمه: عبد الله بن رواحة، وعمرة بنت رواحة، كان جهير الصوت خطيبًا بليغا، وهو الذى خطب بين يدى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عند مقدمه المدينة، فقال: "نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأولادنا، فما لنا؟، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: الجنة". رواه الحاكم.
ولذلك يقال عنه: خطيب الأنصار، وخطيب رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
لما قدم وفد بني تميم وافتخر خطيبهم بأمور, فقال النبي، صلى الله عليه وسلم، لثابت بن قيس: "قم فأجب خطيبهم", فقام وحمد الله وأبلغ, وسُرَّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والمسلمون بمقامه.
اقرأ أيضا: شباب حول الرسول، مصعب بن عمير.. من حياة الرفاهية إلى الزهد والكفاح
وكان مما قال ثابت، رضي الله عنه: "الحمد لله الذي السماوات والأرض خلقه، قضى فيهن أمره، ووسع كرسيُّه علمه، ولم يكن شيء قط إلا من فضله، ثم كان من فضله أن جعلنا ملوكا، واصطفى من خير خلقه رسولا، أكرمهم نسبا، وأصدقهم حديثا، وأفضلهم حسبًا، فأنزل عليه كتابه، وائتمنه على خلقه، وكان خيرة الله من العالمين، ثم دعا الناس إلى الإيمان بالله، فآمن به المهاجرون من قومه ذوي رحمه، أكرم الناس أحسابا، وأحسنهم وجوها، وخير الناس فعلا، ثم كان أول الخلق إجابة واستجابة لله حين دعاه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نحن، فنحن أنصار الله ووزراء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نقاتل الناس حتى يؤمنوا، فمن آمن بالله ورسوله منع ماله ودمه، ومن نكث جاهدناه في الله أبدا، وكان قتله علينا يسيرا، أقول هذا وأستغفر الله العظيم للمؤمنين والمؤمنات، والسلام عليكم".
بشارة الرسول له بالجنة
وقد أثنى النبي، صلى الله عليه وسلم، على ثابت بن قيس، رضي الله عنه، في أحاديث كثيرة، وبشّره بالجنة، وأخبره أنه من أهلها، فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله قال: "نِعْم الرجل أبو بكر، نعم الرجل عمر، نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح، نعم الرجل أسيد بن حضير، نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس، نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح". رواه الترمذي.
وعن أنس، رضي الله عنه، قال: "لما نزلت هذه الآية: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ".
جلس ثابت بن قيس في بيته، وقال: أنا من أهل النار، واحتبس (انعزل) عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فسأل النبي، صلى الله عليه وسلم، سعد بن معاذ، فقال: يا أبا عمرو! ما شأن ثابت؟ أشتكى (أي: هل هو مريض)؟، قال سعد: إنه لجاري، وما علمت له بشكوى، قال: فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال ثابت: أُنزلت هذه الآية، ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتا على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأنا من أهل النار، فذكر ذلك سعد للنبي، صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: بل هو من أهل الجنة"، رواه مسلم.
وقال ثابت بن قيس: يا رسول الله، إني أخشى أن أكون قد هلكتُ، ينهانا الله أن نحبَّ أن نُحمد بما لا نفعل، وأجدني أحب الحمد، وينهانا الله عن الخيلاء، وإني امرؤ أحب الجمال، وينهانا الله أن نرفع أصواتنا فوق صوتك، وأنا رجل رفيع (عالي) الصوت، فقال: يا ثابت، أما ترضى أن تعيش حميدا، وتقتل شهيدا، وتدخل الجنة؟.
تفاصيل خُلع ابنة رأس المنافقين له
وثابت بن قيس بن شماس هو الذي أتت زوجته جميلة بنت عبد الله بن أبي ابن سلول (رأس المنافقين) تشكوه، (طالبة الخُلع منه)، وتقول: "يا رسول الله لا أنا ولا ثابت بن قيس". فقال: "أتردين عليه حديقته؟"، قالت: "نعم". فاختلعت منه (طلقت نفسها خُلعا)، بعد أن أنجبت له طفلا سماه النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، محمدًا.
بعد انتقال سيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، إلى بارئه، شارك ثابت في حروب الردة، وكان قائدًا للأنصار يوم اليمامة، فلما رأى انهزام الناس، قال: "أفٍ لهؤلاء ولما يعبدون! وأفٍ لهؤلاء ولما يصنعون! يا معشر الأنصار، خلوا سنني لعلي أصلى بحرها ساعة"، فقاتل حتى قُتل.
وصية الشهيد
لما استشهد ثابت بن قيس في معركة اليمامة، كانت عليه درع نفيسة، فأخذها أحد المسلمين، فبينما أحد المسلمين نائم، إذ أتاه ثابت بن قيس في منامه، وقال له: أوصيك بوصية، فإياك أن تقول: هذا حلم، فتضيعه، إني لما قٌتلت مر بي رجل من المسلمين وأخذ درعي، ومنزله في أقصى الناس، وعند خبائه فرس مربوط في حبل مشدود)، وقد ألقى على الدرع قدر، وفوق البرمة رحل، فأتِ خالدًا فمُره أن يبعث إليَّ درعي فيأخذها، فإذا قدمت إلى خليفة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أبي بكر، فقل له: إن عليَّ من الدين كذا وكذا، وفلان من رقيقي عتيق.
فأتى الرجل خالدًا فأخبره، فبعث إلى الدرع فأُتي بها، وحدَّث أبا بكر برؤياه فأجاز وصيته بعد موته، ولذا قيل: لا يُعلم أحد أجيزت وصيته بعد موته إلا ثابت بن قيس، رضي الله عنه.
وقد قتل أبناؤه؛ محمد، ويحيى، وعبد الله يوم الحرة، عندما أمر يزيد بإرسال جيش بقيادة مسلم بن عقبة الذي وصل المدينة في أربعة آلاف مقاتل في السابع والعشرين من شهر ذي الحجة سنة 63هـ.. أغسطس عام 683م، وضرب عليها حصارا من جهة الحرّة، وهي الأرض البركانية التي تقع شرق المدينة المنورة، وبالرغم من مقاومة أهل المدينة، فإن جيوش الأمويين استطاعت الدخول وارتكبوا مجزرة في حق أعداد كبيرة من أهل المدينة، فقتلوا المئات من الصحابة وأبناء الصحابة، وأحفادهم.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.